تكن لهم (?) غلة تُوفي بالنفقة، فإن كانت الغلة أقل حسب له ما عجز عنه، وإن كانت الغلة أكثر كان له ولم يحاسب بشيء، وحسب الحمل؛ لأنه مما لا يستبد من إخراج الثمن عنه، وهو يزيد في الثمن؛ لأن النقل من بلد أرخص إلى بلد أغلى، والمشتري يرغب في ذلك إذا علم به، ولو كان سعر البلدين سواء لم يحسب، ولو كان سعرها بالبلد الذي وصلت إليه أرخص وأسقط الكراء لم يبع حتى يبيّن.
ولم يحسب للحمل ربح؛ لأن المرابحة كانت لما وقع بها شراء الرقاب، ولم يحسب أجر السمسار؛ لأنه لا يزيد في الثمن وكثير من يتولى الشراء بنفسه وكذلك الشدّ، وأصل ذلك أن كل ما دخل المشتري فيه على صفة، فتبين غيره فإنه لا يسقط مقال المشتري حتى يرد إلى ما دخل عليه وما فهمه وقتَ العقد.
وقال مالك: وتحسب القصارة والخياطة والصبغ، ويضرب الربح عليها (?). لأن هذه أعيان مشتراة مضافة إلى المبيع الأول، فأما القصارة فله أن يبيع ولا يبين، وأما الخياطة فلا أرى أن يبيع حتى يبين لوجهين: أحدهما: أن الناس يكرهون السوقيّ من المخيط، والثاني: أن المشتري يظن أنه اشترى مخيطًا؛ لأن الشأن -فيما اشترى قائمًا ثم قطع وخيط- أنه يحطّ ثمنه، فالمشتري يظن أنه كان ذا ثمن فخسر فيه، إلا أن يكون المشتري ممن لا يخفى عليه ذلك، وليس عليه أن يبيّن في الصبغ إذا كان مما يشترى للصبغ، إلا أن يكون قد بار عليه وهو أبيض فصبغه لذلك فلا يبيع حتى يبيّن.
ويختلف إذا باع ولم يبيّن في هذا وفي الخياطة، فأصل ابن القاسم أنها تكون