صاحب الجزار أراد أن يسعره على صاحب السفن قال: بئسما صنع (?). ففرق بين هذين؛ لأن أصحاب السفن يبيعون على النداء، فلا سعر عليهم بخلاف أصحاب الحوانيت.
وإن اختلف بيع أهل السوق، في الصنف الواحد والصفة الواحدة، فإن كان الفريقان قريبًا من السواء في الكثرة، لم يعرض للدَّين يبيعون برخص، وينظر إلى الذين أغلوا، وإن كان السعر الذي يبيعون به، هو القدر الذي يبيعون لو سعر عليهم، لم يعرض لهم وترك كل قوم على ما يبيعون، وإن كان فوق ما يسعر به جرت على القولين، فعلى القول بمنع التسعير لا يعرض لهم، وعلى القول الآخر يمنعون من ذلك، ويردون إلى بيع الذين أرخصوا، إلا أن يكون التسعير فوق ذلك ودون ما أغلوا، فيرد إلى ما يسعرونه وليس عليهم أن يرخصوا حسب ما فعل الآخرون، وإن أرخص الأكثر وأغلى الاثنان والثلاثة، منع الذين أغلوا وأمروا أن يبيعوا بيع الآخرين أو يقاموا، وسواء باعوا على ما يباع به لو سعر عليهم أو لا؛ لأن في ذلك غرورا على المشتري؛ لأن المشتري يظن أن ذلك هو السعر الذي يبيع به أهل السوق، ولو علم غيره لم يشتر عليه.
وإن أرخص النفر اليسير، وباع الآخرون على ما يباع به، على أثمان ما شتروا به، لم يعرض لواحد منهم. وقال ابن حبيب في الزيت والعسل والسمن والبقل والفواكه وشبه ذلك، مما يشتريه أهل السوق للبيع على أيديهم: فينبغي للحاكم إذا أراد أن يسعر، أن يجمع وجوه أهل ذلك السوق، ويستظهر على صدقهم بغيرهم، فيسألهم كيف يشترون؟ وكيف يبيعون؟ فإن رأى شططًا نازلهم إلى ما فيه لهم وللعامة سدادٌ حتى يرضوا به، دالن حط من ذلك قيل له: