التبصره للخمي (صفحة 4531)

باب في احتكار الطعام وغيره إذا كان يشترى من الأسواق أو يجلب من بلد وهل يباع على أهله في الغلاء؟

الاحتكار إذا كان يضر بالناس إما لحاجة الناس إليه، أو لأن هذا يغلي السعر غلاء يضره غير جائز، قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ" (?)، فإن كان لا يضر بالناس ولا يغلي سعرًا جاز، طعامًا كان أو غيره. ومنعه ابن حبيب في الطعام والحبوب كلها، والقطنية والعسل والسمن والزيت واللبن والعلوفة، أضر بالناس أو لم يضر والأول أحسن، وفي ادخار الأقوات وقت الرخاء مرتفق وقت الشدة، ولولا ذلك لم يجد الناس عيشًا حين الشدة، ولو قيل: إن ذلك حينئذ مستحسن لم أعبه، ولا يمنع من يشتري من السوق الأعظم ليبيع بأطراف البلاد، وإن غلا السعر؛ لأن فيه مرتفقًا للناس.

وقال مالك في كتاب محمد: لم يزل ذلك من أمر الناس (?)، وليس كل الناس يجد ما يشتري به في السوق الأعظم، وقال في الذين يشترون من الطحانين: يمنعون إذا أضر بالناس (?).

وأرى ألا يمنعوا وإن أضروهم في ذلك، بمنزلة الذين يشترون ليبيعوا في نواحي البلد؛ لأنهم لا يشترون للادخار، وإنما يشترون للناس، وكذلك الذين يشترون ليعملوه خبزًا، أو ليبيعوه لا يمنعون كان أضر، ومن اشترى ذلك ليخرجه إلى بلد آخر، لم يمنع وإن غلا السعر، إذا كان لا يضر بالناس، وإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015