واختلف عن مالك في أرض العنوة، فمرة قال: لا تقسم (?). ومرة قال: لا بأس بقسمتها (?). ولا خلف أنه إن قسمها الإمام أن فعله ماض ولا يرد، فإن رأى وَقَفَها للأبد، وكانت حبسًا ينتفع بمنافعها، بإجارة وبغير إجارة. وإن أوقفها ليرى رأيه فيها في المستقبل- جاز، ويعطي الآن منفعتها هبة أو بكراء، حتى يرى وجهًا لقسمتها، وإن تركت لأهل العنوة، الذين افتتحت عليهم على وجه العون، ليس على وجه الملك- لم يبيعوها، كان مات لم يورث عنه، وإن أسلم لم يكن له وما خلا أهله عنه كالعنوة، فإن رأى الإمام قسمتها قسمها، وإن رأى أن يوقفها وقفها، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قسم خيبر على السهمين (?). وقال عمر: لَولا أَنْ يَأْتِيَ مِنَ المُسْلِمِينَ، لَمْ أَدع قَرْيَةً أَفْتَتِحُهَا إِلا قَسَمْتُهَا، كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ (?). أخرجه البخاري ومسلم.
فسلم عمر - رضي الله عنه - أن القسم جائز لم ينسخ، ولأنه إذا أجاز أن يعيد على الجيش بعض الخمس على وجه النفل؛ جاز أن يخمس ما سوى الأرض، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه فَتَحَ مَكَّةَ عَنْوَةً (?). قال ابن شعبان: وأجمعوا على أنه لم يجعلها فيئًا، كما فعل بغيرها.