من إعطاء المنافع، فقال ابن المواز: كل من تصدق بغلة سنين ولم يبتل الأصل فلا بأس أن يشتري المتصدق ذلك، وإن كان له الأصل، قال: وأبى ذلك عبد الملك واحتج بالحديث في النهي عن الرجوع في الصدقة، وأجاز لورثته أن يشتروا المراجع، قال محمد: والحجة لمالك ما بَيَّنَه رسول الله - صلي الله عليه وسلم - في العرية فهي أعم فيما بتل أصله وأرخص العرية (?). وقول عبد الملك هو الأصل، ولا فرق بين الرجوع في الرقاب أو النافع، وكل ذلك داخل في النهي عن أن يعود في الصدقة، ولم يخص.
وأما العرية فإنما أجيزت لأنها على وجه المعروف، يضمنها ويكفيه مؤونتها، فهي معروف ثانٍ. وقيل: على وجه دفع الضرر، والضرورات تنقل الأحكام، وقد أجاز بعض أصحاب مالك في النخلة تكون في الحائط يشتريها بخرصها لدفع الضرر (?)، ولو اعترف المعري أنه يشتريها لرغبة في الشراء لا (?) لإرادة معروف ولا لرفع ضرر- لم يجز.
وقد تكون العرية على وجه الهبة فيكون ذلك أخف، وقد منع ابن القاسم في المدونة من تصدق بصدقة أن يأكل من ثمرتها أو يركبها أو ينتفع بشيء منها (?)، فإذا منع أن ينتفع بالغلات كان بَيِّنًا إذا كانت الغلات هي المتصدق بها أن يمنع من الانتفاع بها.