اختلف في الهبة للقادم من السفر كالطعام والفاكهة وما أشبهه، فقال مالك: لا ثواب فيه (?). وقال محمد بن عبد الحكم في مختصر حمديس: له الثواب. وهو أبين، والشأن رجاء الثواب مما يقدم به المسافر إلا أن الناس على ضربين، فمنهم من لا يرضى الكلام على ذلك إن لم يكافأ، فهذا إن وقع بينهما بعد ذلك مقابحة أو مفاسدة فتكلم على هبته- لم يكن له شيء، ومنهم من يتكلم على الثواب، فذلك يقضى له به، فأما ما وهبه القادم لجيرانه أو الصديق عند قدومه فليس الشأن الثواب فيه، والشأن أيضًا فيما يهديه الصديق أو الجار في الجرس أو غيره من الولائم الثواب، إلا أنهم مختلفون أيضًا في القيام إن لم يثب فمن علم من مثله ألا يطلب- لم يكن له قيام ولا لورثته إن مات قبل أن يثاب، ومن كان (?) مثله يطلب الثواب- كان ذلك له ولورثته، وهي في الصحة والفساد على وجهين: إن كانت العادة أن يثيب من الأول بأقل- كانت جائزة؛ لأن الأولى مكارمة لما كان لا يعود إليه أكثر، فأشبهت القرض، وإن كان قصده أن يثاب أكثر، ولولا ذلك لم يهبه- كانت فاسدة وترد.
واختلف إذا كان الحكم في الهبة ألا ثواب فأثاب جهلًا منه أو أثاب من صدقة، فقال مالك: يرجع في ثوابه إن كان قائمًا ولا شيء له إذا فات. وقال ابن القاسم: إن أثابه دنانير، فقال: أنفقتها أو هلكت- حلف وبرئ، وإن أثابه