محمد بعد الافتراق إذا كان الأول قائمًا، ورآه في هذا الوجه أخف من البيع لما كان له أن يرد الأول، فيصير بمنزلة ما لو باعه حينئذٍ.
ويختلف إذا فات الأول فمنعه مالك وهو المعروف من قوله (?)، وذكر محمد بن المواز عنه أنه أجاز أن (?) يثاب عن هبة الحلي إن كان ذهبًا فضة، وإن كانت فضة ذهبًا، بخلاف البيع (?)؛ لأن هبة الثواب خرجت على وجه المعروف والمكارمة، فضعفت التهمة فيه، وأجراها على القرض، وعلى هذا يجوز أن يأخذ عن الحنطة تمرًا، ومنع ابن القاسم أن يثاب عن الثياب أكثر منها، خيفة أن يكونا عَمِلا على ذلك، ويجوز ذلك على أحد قولي مالك في الحلي، وهو في الثياب أخف؛ لأن محمل الهبة محمل بيع النقد، ولا يتهمان في بيع النقد في العرض بأكثر منه، ويتهمان في الصرف وإن كان نقدًا على الربا، وإن عوضه منافع سكنى دار أو خدمة عبد أو ركوب دابة جاز إذا كانت الهبة قائمة.
واختلف إذا فاتت فمنعه ابن القاسم وقال: يدخله فسخ الدين في الدين (?)، وأجازه أشهب في كتاب محمد، واختلف فيه عن مالك (?)، وقد تقدم ذلك في كتاب الآجال، وإن أثابه دينًا قبل فوت الهبة جاز، وإن كان بعد فوتها جاز إذا كان الدين من جنس القيمة، وهو في القدر مثل القيمة فأقل، ولا يجوز أن يثيبه أكثر، ويدخله في جميع ذلك فسخ الدين في الدين، ويدخله مع ذلك في أكثر سلف بزيادة، وفي خلاف الجنس إذا كانت دنانير أو دراهم الصرف المستأخر.