وإن كانتا مملوكتين -وعلم أيهما اختط أولًا- كان الأول أحق، وإن كان آخرهما حفرًا، وسواء انقطع ماء الذي احتفر أولًا أو انتقص؛ لأن من ملك أرضًا ملك باطنها، والذي اختط أولًا (?) سبق ملكه لذلك الماء (?)، وليس تأخره (?) عن الحفر لاستغنائه يقطع حقه فيه الآن إلا أن يحفر الثاني فيتركه الأول وهو عالم بمضرته متى احتاج إليه، فليس له أن يحفر؛ لأنه أسقط حقه فيها، وقد اختلف في هذا الأصل، واختلف إذا لم يعلم أيهما اختط قبل، وقد قال مالك: لمن احتفر أولًا أن يمنع الثاني (?). وروى عنه أشهب أنه قال: له أن يمنع إذا كان للثاني مندوحة عن الحفر هناك ولا يمنع إن لم تكن له مندوحة عنه (?)، فوجه الأول أن الماء في يد الذي احتفر أولًا، ومحتمل أن يكون هو المختط أو آباؤه، أو من ابتاع منه فلا ينتزع منه بالشك، ووجه القول الآخر أن كل واحد مالك لبطن أرضه، وممكن أن يكون من صارت إليه عنه اختط أولًا، فلا يمنع بالشك، وأرى أن ينظر إلى جريان الماء، فإن كان يأتي من أرض الذي احتفر أولًا ردم على الثاني، وإن كان من أرض الذي احتفر آخرًا إلى أرض صاحبه لم يمنع؛ لأنه يقول: هو مائي كان يصل إليك لاستغنائي عنه، فإذا احتجت إليه كنت أحق به، ولو أحدث بئرًا للنجاسات فأضر بئر جاره ردمت عليه قولًا واحدًا، وليس كالأول، وبلوغ النجاسات إلى أرض جاره كبلوغ