تكلف النفقة والاحتراز منه، فقد يسرق متاعه ويفر بنفسه، وإن كان شريرًا خشي أن يقتله إن نام ويذهب، وإن قيده تكلف الكراء عليه. وإن كان لمن يعرف وهو على الأميال اليسيرة من موضع أبق منه فلا سعة له في تركه إن لم يخف منه. ومحمل قوله: إذا كان لمن لا يعرف ألا يقربه- أن ذلك لفساد الأئمة إن أنشده أخذه، ولا يخشى ذلك إن كان لمن يعرف؛ لأنه يبلغه إلى ربه بغير إنشاد.
وقال مالك في الآبق: يعرف سنة (?). يريد: إن كان له صنعة تقوم بنفقته ويعملها في موضع يعقل فيه، أو يكون إمام عدل ينفق عليه من بيت المال في زمن رجا (?) إن أتى سيده فغرم تلك النفقة لم تضر النفقة بثمنه.
فإن لم تكن له صنعة، أو لم يكن بيت مال، أو كانت النفقة تجحف بثمنه، أو قال واجده: لا أتكلف حفظه سنة، ويخشى عليه إن رفع إلى السلطان، بيع قبل السنة، وكان التعريف باقيًا.
وإن بيع بعد السنة فالقياس ألا يتصدق بثمنه حينئذ ولا ينفقه بخلاف اللقطة؛ لأن للقطة موضعًا يتفقدها فيه صاحبها، فإذا مضت السنة ولم يأت كان قد أبلى عذره، والآبق لا يدري صاحبه أين توجه فيخصه بالطلب، فلم تأت السنة من ذلك على ما تأتي عليه في اللقطة، وإنما السنة طول فيما يتكلف من أمره، ويوقف الثمن عنده أو عند أمين، ولو رفع ذلك إلى السلطان جعل الثمن في بيت المال أو على يدي أمين (?).