وظاهر قول مالك في كتاب ابن حبيب: أنه لا يجوز مكايلة ولا موزانة، ولا يصلح (?) أن يجوز موازنة إلا أن يقال: إن المماثلة بين القمحين تجوز من طريقين: الكيل والوزن، وإذا جاز (?) ذلك قبل الطحن جاز إذا طحن أحدهما؛ لأنه ليس في طحنه أكثر من تفرقة أجزائه.
وإن قيل: إن المماثلة بالكيل خاصة لم يجز إذا طحن أحدهما على الوزن، وكان الوجه امتناع المبايعة جملة، فلا يجوز على الكيل، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا جَفَّ" (?) الحديث، ولا على الوزن؛ لأن استواء الوزن لا يدل على استواء الكيل؛ لأن الكيل يستوي والوزن يختلف.
ولا يصح حمل قولهم على ما وزنه وكيله سواء؛ لأنهم لم يتكلموا على بيع صورة معينة، ولا على نازلة في عين، وإنما أطلقوا الجواب في بيع القمح بالدقيق وزنًا، وإن كان غير معين، وفي البخاري ومسلم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ" (?).
ففي قوله: "ووزن معلوم" (?) دليل على أنه كان لا (?) يباع عندهم على الكيل والوزن.
ويختلف في بيع الدقيق بالسميد (?)، فيجوز على من أجاز القمح بالدقيق،