وإذا كان الزوجان مولًّى عليهما، وكان التحكيم من قبل من يلي عليهما، سلك في التحكيم في العدد وكونهما من الأهل مسلك بعث السلطان، وكذلك إذا كانا رشيدين وكان التحكيم من قبلهما اقتداء بكتاب الله عزَّ وجلَّ، فإن لم يفعلا وجعلا ذلك إلى واحد من غير الأهل مضى ولم ينقض، وهو قول عبد الملك في المدونة.
واختلف إذا كان الزوجان رشيدين وحكّما غير عدل أو امرأة أو صبيًا أو صبية (?)، فقال عبد الملك: حكمهما منقوض لأنهما قد تخاطرا بما لا ينبغي أن يكون من الغرر بخلاف التمليك (?)، يريد؛ لأن التحكيم يدخله المعاوضة وأخذ المال، فلم يجز فيه الغرر كالبياعات، والتمليك طلاق بانفراده فلم يقدح في وقوعه بالغرر، وإن حَكَّم رجلين وهما يريان أنهما من أهل العدالة ثم تبين غير ذلك، فإنه يختلف هل يمضي حكمهما أم لا؟ وفي كتاب محمد: أن الحكم ماضٍ مثل ما لو قضى قاض بشهادتهما ثم تبين غير ذلك.
وقد اختلف في الشاهدين. وأرى أن يكشف عن حكمهما، فإن تبين أنهما أصابا الحق (?)، مضى بمنزلة القاضي غير العدل، يقضى بقضية فإنه تعتبر أحكامه فما وافق الحق مضى، وما لم يوافق الحق (?) نقض بخلاف الشاهدين؛ لأنا لا نقدر على معرفة صدقهما ويقدر على معرفة صحة الحكم من سقمه، وإن أشكل الأمر لم يمضِ.
تم كتاب إرخاء الستور والحمد لله حق حمده