الأصل في نفقة الأب على الولد في حال الصغر قول الله عزَّ وجلَّ: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}. فأوجب على الأب أن يشتري له ما يكون طعامًا له حينئذٍ، فكذلك يجب عليه إذا انتقل طعامه إلى أكثر من ذلك. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لهند: "خُذِى مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمعْرُوفِ" أخرجه البخاري ومسلم (?).
والنفقة لازمة في الذكران حتى يحتلموا، والإناث حتى يتزوجن ويدخل بهنَّ، وقد تسقط النفقة قبل ذلك، وتثبت بعده على اختلاف في ثبوتها بعد، فأما سقوطها قبل فيصح بوجهين: أحدهما: يسر الولد، والآخر: صناعة تكون له. فإن كان له مال كان الإنفاق من ذلك المال، فإن نفد قبل بلوغ الذكران، أو دخول الإناث، عادت النفقة.
وإن كان للصبي صناعة لا تدركه بعملها معرَّة، تقوم منها نفقته وكسوته، سقطت النفقة عن الأب إلا أن تكسد أو يمرض فتعود نفقته (?)، وكذلك الصبية إن كان لها صناعة رقم أو غيره لا يدركها بعملها معرة تقوم منها نفقتها وكسوتها، سقطت النفقة عن الأب إلا أن تمرض أو تكسد (?). وإن بلغ الصبي صحيحًا قويًّا على الكسب سقطت نفقته.
واختلف إذا كان زمِنًا، أو أعمى، أو مقعدًا، أو ما أشبه ذلك على ثلاثة أقوال، فقال ابن القاسم: إن بلغ على ذلك لم تسقط النفقة عن الأب، وإن طرأ