النكاح والمواعدة في العدة ممنوعان، والتعريض جائز، والأصل في ذلك قول الله -عز وجل-: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ} [البقرة: 235] وقد تضمنت هذه الآية إباحة وجهين؛ وهما: التعريض، وما يضمر (?) في النفس من غير نطق، ومنع وجهين هما أشد من الأولين: المواعدة، والعقد.
واختلف في معنى قول الله سبحانه {لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} فقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة والشعبي والسدي وقتادة وسفيان: لا تأخذ ميثاقها وهي في عدتها ألا تتزوج غيرك (?).
وقيل: السر ها هنا الزنا (?)، وليس هذا بحسن؛ لأن الزنا عليه محرم في العدة وغيرها، وإذا كان الزنا محرمًا لم يكن لذكر المواعدة عليه وللاختصاص بذكره في العدة وجه، وإنما ابتدأت (?) الآية بإباحة التعريض، ثم أخبر -عز وجل- أن المواعدة بخلاف ذلك، لئلا يظن أنها مثلها، وأتى بها على وجه الاستثناء من الأول؛ فقال: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} فكان محمل الاستثناء على أنه مما يتعلق بالأول حتى يقوم دليل على غير ذلك، ثم أبان ذلك باستثناء ثانٍ، فقال: