وكلا الوجهين غير صحيح، فأما من قال ذلك لما تقدم لهم من الكتاب فإنه يلزمه أن يجيز مناكحة (?) الوثنيات من العرب، وأن يجريهم على أحكام المسلمين؛ لأنهم من ذرية إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام، وقد كانا من أهل الكتاب، قال الله عز وجل في سورة الأنعام: {أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ} [الأنعام: 89] فلا يراعى ما كان عليه الأجداد من إيمان، ولا يؤثر في حال الأنبياء (?)، وإنما تراعى حالتهم الآن من إيمان، أو تعلق بكتاب أو غيره.
وأما قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سُنُّوا بِهِمْ سُنّةَ أَهْلِ الكِتَابِ" فقد روي أن ذلك كان في الجزية، وعنها كان سؤال عمر - رضي الله عنه - فأخبره عبد الرحمن بن عوف بالحديث.
وإذا كان ذلك لم تصح المناكحة؛ لأنه لا يصح أن يباح أحدهما دون الآخر، وليس جواز أحدهما متعلقًا بجواز الآخر، ولا منعه متعلقًا بمنعه، وإنما هذا موضع توقيف ينتهى إليه.
قال الشيخ: (?) وأرى أن يجوز (?) نكاح الصابئة والسامرية قياسًا على اليهودية والنصرانية لأنهما يتفقان في أنهما متمسكان بوجه من الحق، وهو الكتاب الذي أنزل الله تعالى، وداخلان في قوله: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [البقرة: 101].
وإنما الاختلاف بينهم في الوجه الذي يكفرون به، فالنصارى يقولون: المسيح ابن الله، واليهود يقولون: عزير ابن الله، والصابئون يقرأون الزَّبُور