النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن طال ذلك استأنف الوضوء كله، قال: وهو بمنزلة من غسل وجهه بداية ثم ذهب حتى طال فليس له أن يبني.
فجعل كل ما قدمه على الوجه كأنه لم يفعله، ورأى أن الترتيب واجب. والقول الأول أبين؛ لأن التلاوة في الأمر بالوضوء لم تأت على صفة توجب الترتيب، ألا ترى أنه لو نزل بعد ذلك آية أخرى بالأمر ببداية اليدين على الوجه أو الرجلين لم تكن نسخًا، بل يحمل على البيان الأول، ويحمل فعله - صلى الله عليه وسلم - أنه يكون على وجه الاستحباب والابتداء بما بدأ الله -عز وجل- به، فلا يتعلق فرض بمحتمل.
وكذلك الصفا (?) لم تكن البداية بها بمجرد التلاوة، ولا بمجرد فعله - صلى الله عليه وسلم -؛ لاحتماله أن يكون على وجه الاستحباب، وإنما رجع في ذلك إلى الإجماع، وليس تبدئة الركوع على السجود من هذا الباب في شيء؛ لأن الأمر بالصلاة ورد مجملًا بقوله -عز وجل-: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [البقرة: 83].
فهو مجمل لا يعلم بمجرد التلاوة، كيف يقيمها ولا ما (?) يتضمن ذلك الأمر، وكانت الصفة التي فعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الوجوب؛ لأنها من باب بيان المجمل إلا ما قام الدليل عليه أنه غير واجب.