واختُلف فيمن حلف ألا يكلم فلانًا، فكلمه بحيث يسمع، فلم يسمعه لشغل أو غيره. أو كان نائمًا (?)، فصاح به، فلم يستيقظ. فقال ابن القاسم مرة: يحنث؛ لأن ذلك كلام منه له. وقال مرة: لا حنث عليه (?)؛ لأن القصد مقاطعته، وإذا لم يسمعه لم تقع مواصلة.
وإن حلف ليهجرنّه، ثم كلمَّه؛ لم يحنث، وليس عليه أن يهجره عقيب يمينه، ومتى هجره بعد ذلك برّ.
وإن حلف لا يكلمه، فكلّمه بعد يمينه حنث؛ لأنه حلف لا يوجد منه فعل، فمتى وجد منه حنث. والأول حلف ليفعلن في المستقبل، فمتى وجِد منه بر.
واختُلف إذا حلف ليهجرنّه في القدر الذي يبر به، ففي كتاب محمد: يهجره شهرًا، وفي العتبية والواضحة تجزئه ثلاثة أيام (?)؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يَحِلّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ" (?). فأوقع على هذا القدر اسم الهجران؛ ولأنها مدة تقع بها الوحشة، وفيها تقاطع لمن