ومن المدونة: قال مالك فيمن حلف بالمشي إلى بيت الله الحرام فحنث: يمشي من حيث حلف، إلا أن تكون له نية، فيمشي من حيث نوى (?).
قال الشيخ - رضي الله عنه -: وسواء كان في يمينه على برٍّ، أو على حنث؛ لأن قوله: المشي، يحتمل أن يريد به الجنس أو معهودًا من المشي؛ فإن أراد الجنس أجزأه المشي من حيث شاء (?)، ويكون بمنزلة من قال: "علي مشي" فإنه يجزئه ذلك وإن قل، أو يحمل على أنه أراد معهودًا من المشي، وأن الألف واللام للعهد، وهو أن يمشي من الموضع الذي هو فيه (?)، فسواء كان على برٍّ أو على حنث؛ لأنه إنما حلف على معين بمنزلة من حلف بعتق عبد بعينه، فالبر والحنث في ذلك سواء.
وإن انتقل إلى بلد آخر وهو مثله في المسافة؛ مشى منه، ولم يكن عليه أن يرجع إلى الأول؛ لأن الأمر في ذلك راجع إلى قدر البعد والقرب وكثرة الخطى، ولا مزية (?) في هذا للأراضي. ولأنه لو خرج من البلد الذي حلف عليه ونواه، فمضى على غير ذلك الطريق، وهو مثله في المسافة لأجزأه. ولأن القصد (?) أن يتقرب إلى الله تعالى بالمشي من ذلك القدر (?).