ومن المدونة: قال مالك فيمن دخل مكة حاجًا في مشي وجب عليه، فلما فرغ من سعيه بين الصفا والروة خرج إلى عرفات راكبًا، وشهد المناسك وأفاض راكبا قال يحج الثانية راكبًا فإذا سعى وطاف خرج إلى عرفات ماشيًا حتى يفيض (?).
وظاهر قوله: إن فعل ذلك اختيارًا لا عن عجز.
وأرى أن ينظر في ذلك هل ركب اختيارًا أو عن ضرورة؛ عجز أو مرض؟ وهل كان مشيه ذلك تطوعًا، أو منذورًا في الذمة، أو في عام بعينه؟ وهل سمى بالحج في حين نذره أو أطلق ذلك ولم يسمه؟
فإن ركب اختيارًا؛ كان عليه أن يقضي قابلًا راكبًا، ثم يمشي الناسك على أي وجه كان مشيه، ولا يفسد الماضي.
فإن ركب عن عجز أو مرض نظرتَ؛ فإن كان نذره مضمونًا، وسمى الحج، وقال: لله عليّ أن أمشي إلى مكة في حج؛ أتى مكة قابلًا راكبًا، وقضى المناسك ماشيًا، ولا خلاف في ذلك.
وإن كان النذر في عام بعينه، وسمى الحج أو لم يسمه، أو مضمونًا ولم يسم حجًا؛ أجزأه حجه، ولم يكن عليه شيء عند مالك، وكذلك من تطوع بالمشي من غير نذر تقدم، ثم جعله في حج، فعلى قول ابن القاسم عليه أن يقضي الحج قابلًا، ويمشي المناسك.