فِيهَا دِفْءٌ} [النحل: 5]. وما بعدها إلى قوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ} [النحل: 81]. بيان نعمه عندنا، وما مَنَّ به وسخَّره لنا (?) وأباحه؛ فلم يدخل في ذلك (?) ما حرَّمه علينا، ومنعنا منه.
والثَّاني: أنَّه قرنه بالألبان، وعطفه عليها.
والثالث: أن (?) الآية مكية، وأجمع النَّاس على أنها كانت حلالًا بالمدينة ثُمَّ حُرِّمت، وأنها لم تكن محرَّمة ثم أُحِلَّت ثم حُرِّمت؛ فبان بهذا أن السكر منها لم يكن محرمًا، وأن هذا هو الصحيح من القول.
وقد اختُلِفَ في ذلك: فقيل: السَّكر: الخمر. وقيل: النبيذ. وقيل: ما كان شربه حلالًا كالنبيذ والخلِّ.
والصحيح: أنه ما يسكره، وقد عقلت العرب السُّكرَ ما هو، وبيَّن ذلك قول الله سبحانه {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43]، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ حَرَامٌ" (?). ولا حاجة بنا إلى حمل الآية على غير ظاهرها لما قررناه من أنَّ الآية مكيَّةٌ، وأنَّ الخمرَ لم تكن محرَّمة حينئذ، وإنما يحتاج إلى الخروج عند ذلك لو كان نزولها بعد آية المائدة.