وقول مالك إذا عرف وقدر على ردّه أنَّه يردّ إلى الأوَّل موافق لقول محمد بن عبد الحكم في الصيد؛ لأنَّه في حال كونه في برج الأوَّل على حال التوحش، فينبغي على قول مالك أن يكون لمن صار إليه، بل هو في هذا أضعف؛ لأن ما في البرج ليس بملكٍ محقَّق، فكان (?) ردّ ما تقرر ملكه أولى.
وقول ابن حبيب: يرد الفراخ. حسن، على قول ابن عبد الحكم، وأحسن ذلك ألَّا يردَّ إلى الأوَّل شيء وإنْ قَدَرَ على ردّه؛ لأنَّها غير مملوكة للأوَّل، وإنَّما هي على سبيل الإيواء (?) عنده: وهي اليوم تأوي هنا، وغدًا تأوي في موضع آخر.
وعلى هذا يجري الجواب إذا أوى حمام برجٍ إلى دار رجلٍ، ولم يكن حبسه، وعلم أنَّه بريٌّ، ولم يعرف صاحبه- جاز له ملكه، وإن عَرَفَ برجَه- ردَّه على أصل قول مالك.
وإن تعرَّضه بحبسٍ أو باصطيادٍ فقال ابن القاسم وأشهب: يرده إن عَرَفَ برجَه، وإلَّا تصدَّق بقيمته (?). ومحمل قولهما على أنه طالت إقامته.
وإن كان بحدثان ما أخذه ولم يقصد فإنَّه يرسله، فالشأن أن يعود إلى وكْره. وإن كان من حَمام البيوت، فإن أوى إليه من غير تعرّض لحبسه كان حكمه حكمَ اللّقطة، فهو بالخيار بين بيعه والصدقة بالثمن، أو يحبسه ويتصدق بقيمته، وإن حبسه ولم يتصدَّق بشيء فواسع، وقد استخف (?) مالك حبسَ الشيء اليسير من اللّقطة، وقال النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في التمرة: "لَوْلاَ أَنْ