والجزيةُ تقبل ممَّن كان تحت قهر المسلمين. إمَّا معهم في بلدٍ أو بالقرب، ولا تُقبل ممَّن بَعُدَ إلا أن ينتقلوا إلى قرب المسلمين، بحيث لا يخاف أن يعودوا إلى الامتناع، وإن خُشي ذلك منهم مع قرب مدينتهم لم يُقبل، إلا أن يهدم سورهم، أو ما يرى أنهم لا يمتنعون بعده.
والجزيةُ على الرجال (?) الأحرار البالغين العقلاء، وساقطةٌ عن: النّساء، والصبيان، والمجانين، والعبيد.
والأصل في ذلك قول الله سبحانه: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 29].
ثم قال: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]. فإنَّما خُوطب بها من توجّه عليه القتال، ومن لم يخاطب بالقتال لم يدخل في الآية، وهم: النساء، والصبيان، والمجانين؛ لنهي النَّبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء والصبيان (?).
ولم يدخل في ذلك العبيد؛ لأن الخطاب تضمَّن من يبقى على حاله من الحرّية (?)، فلا يباح بقتالٍ ولا غيره، ولا يجتمع الرَّقُّ والجزية.
قال مالك: في كتاب ابن حبيب: لا تؤخذ من الرُّهْبان المنهي عن قتلهم، من اعتزل في الصوامع والديارات (?).