فأما الرجال المقاتلة؛ فالإمام مخير فيهم بين خمسة أوجه: القتل والجزية والاسترقاق والمَنّ والفداء، وكل هذا التخيير فموكول إلى اجتهاد الإمام.
فأما من كانت منه نكاية، وكان قد قتل في المسلمين؛ فأرى أن تشفى صدور المؤمنين بقتله، وإن كان استحياؤهم واسترقاقهم غير محرم.
وكذلك إن كان لا تؤمن غائلته إن استُحيى، وأن يفرَّ إلى موضعه، أو يصيرَ عينًا (?) على المسلمين؛ فقتله أحسن.
ومن لم تتقدم له نكاية، وأمنت غائلته؛ فاسترقاقه أو الجزية فيه أحسن، والقتل غير محرم.
وأما المن؛ فيحسن في كل من يرجى برده صلاح، أو كسر شوكة، أو ما أشبه ذلك.
وأما الفداء؛ فيحسن بمن لا يعرف بالشجاعة، وقد اختلف فيه.
وإذا أسقط الإمام عن الأسير القتل، وأبقاه ليرى فيه رأيه في أحط الوجوه الأربعة مما سوى القتل؛ لم يجز أن يقتله بعد ذلك (?).
وإن مَنَّ عليه؛ لم يجز له أن يحبسه عن الذهاب إلى بلده، إلا أن يكون قد اشترط عليه أن يبقى لتضرب عليه الجزية.
فإن أبقاه للجزية؛ لم يجز له أن يسترقه، ويجوز أن يفادي به برضاه.
وإن أبقاه على وجه الاسترقاق؛ جاز أن ينتقل معه إلى الجزية والمن والفداء، وإن أبقاه للفداءة لم يجز نقله للجزية ولا للرق إلا برضاه.
والتخيير في الخمسة الأوجه يصح في أهل الكتاب، ويختلف في المشركين.