ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يغزو ببعض نسائه.
وقالت الرُّبَيّع بنتُ مُعَوّذ - رضي الله عنها -: "كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَنَسْقِي القَوْمَ وَنَخْدُمُهُمْ، وَنَرُدُّ الجَرْحَى، وَنُدَاوِي الكَلْمَى". أخرجه البخارَي (?).
وذلك لأمن النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهن، وإخبارًا من الله -عز وجل- ألا يسبين للعدو، وقوله: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67].
ولا يجوز ذلك لغيره إلا أن يكون الجيش مستظهرًا على من خرج إليه ونزل به. وإن كان على غير ذلك؛ لم يعرضهن لما يخاف نزوله بهن.
وأما خروجه بهن إلى السواحل والرباط؛ فذلك جائز؛ لأمنه عليهن (?).
وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ العَدُوِّ. واختلف في وجه ذلك، فقال مالكٌ: مخافة أن يناله العدو (?).
وقال ابن حبيب: لما يخشى من تعبثهم واستهزائهم به، وتصغير ما عظم الله منه (?). قال: فالسفر بالقرآن إلى أرض العدو يُكره، وإن كان الجيش مستظهرًا خوف سقوطه، أو ينسى بذلك المكان.
وهذا استحسانٌ؛ لأن سقوطه ونسيانه نادر، والغالب السلامة، وإن كان الجيش على غير ذلك؛ منع من السفر به، وصار إلى ما تقدم من السفر بالنساء.