الجزاء يجب على المحرم في الصيد إذا كان القتل عمدًا. واختلف إذا كان خطأ أو سهوًا أو تكرر العمد، فقال مالك وغيره من أصحابه: في جميع ذلك الجزاء (?). وقال محمد بن عبد الحكم: لا جزاء في غير العمد، ولا في العمد إذا تكرر، وليس عليه فيما بعد أول مرة، إلا ما وعد الله في الآخرة، أو يعفو عنه. قال: وهو نص في كتاب الله تعالى. وهو قول ابن عباس وسعيد بن جبير وطاووس وأبي ثور: ألا شيء فيما سوى العمد.
واحتج من نصر القول الأول في الناسي بعموم قوله {مُتَعَمِّدًا} فهو متعمد للقتل، وإن نسي أنه في إحرام أو نسي تحريم ذلك، وفي المخطئ في الدية في الخطأ.
والحجة للقول الآخر: أن الأصل في قتل الصيد عدم الغرم، فلا يجب إلا فيما ورد فيه النص، ولأن مفهوم الآية توعد من أتى ذلك جرأة وقصد الانتهاك؛ لقوله تعالى: {لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [المائدة: 95]. وقوله: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} [المائدة: 95] وهذا من مفهوم الخطاب. ولا يتوجه مثل ذلك على المخطئ والناسي؛ يتوعد بالانتقام ويذوق وبال أمره. ولأن الذمة بريئة، فلا يجب فيها شيء إلا بآية أو سنة أو إجماع. ولأن الآية خرجت مخرج التغليظ والتوعد بالعقوبة، فلم يقس عليه الناسي قياسًا على من أفطر في رمضان؛ لأن