{فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ. . .} الآية [البقرة: 197]، وما لم يحصل كمال تحلله فقد أرفث في الحج فيجب فساده، ولأنها حال ممنوع فيها الوطء لبقاء الإحرام، فوجب أن يفسد اعتبارًا لوقوعه قبل الرمي، ولأنها حال لو قتل فيها الصيد لوجب فيه الجزاء، ولأنها عبادة من شرطها الطواف أصلها العمرة، ولأن الوطء مع بقاء نسك من مناسك الحج يفسد أصله إذا وطئ قبل الوقوف، ولأن أول الإحرام مرتبط بآخره، فلما كان الوطء محُرَّمًا في آخره كما هو محرم في أوله فسد حجه، فسد أوله بآخره كالصلاة، والصوم. انتهى قوله.
قال عبد الملك بن الماجشون: من وطئ قبل جمرة العقبة فسد حجه، وإن كان وطؤه بعد الطواف وبعد أن خرجت أيام منى. واحتج من قال: ألا يفسد إذا وطئ بعد الرمي وقبل الطواف، قال: لأنه إنما أفسد طوافًا في إحرام، فإذا أحرم بعمرة كان قد وفَّى به، وهذا فاسد؛ لأن العمرة لا تنوب عن الحج، ولا يستطيع أن يأتي بطواف حج إلا أن يحرم بحج. كما لا يجبر من أكل من جزاء الصيد إلا أن يأتي بجزاء صيد، ولو ذبح نسكًا لا يريد به جزاء صيد فأخرج قدر ذلك من لحمه لم يجزئه.
وقال ابن وهب وأشهب في كتاب محمد: وإن وطئ يوم النحر بعد الإفاضة قبل الرمي أفسد؛ لأن الإفاضة قبل الرمي لا تجزئ عنه، فصار بمنزلة من وطء قبل الرمي والإفاضة. وإن وطئ في العمرة قبل الطواف، أو قبل أن يركع، أو قبل السعي أفسد.
واختلف إذا وطئ ولم يبقَ إلا الحلاق، فقال مالك: يهدي ويجزئه. وقال في كتاب محمد: أفسد العمرة (?). والأول أبين؛ لأنه لم يبق عليه عمل للعمرة.