التبصره للخمي (صفحة 1330)

وآخر وهو ما لم يطلع الفجر.

وإنما تضمنت هذه الأحاديث معرفة آخر الوقت، وقد كان وقوف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في أول الوقت، فأخبرهم: أنه من فاته الوقوف معه لم يفته الحج، وأن الوقوف (?) باقٍ إلى طلوع الفجر، وهو مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَدْرَكَ العَصْرَ" (?). وأول العصر إذا دخلت القامة الثانية، وكذلك قوله قي: "فَقَدْ أَدْرَكَ الحَجَّ" (?)، ولفظة الإدراك إنما يعتد بها في الغالب عما يخشى فواته، ويدل على ذلك: الإجماع على أنه لا يجوز أن يتعمد الناس باجتماعهم للوقوف قبل الفجر، ويدَعُونَ النهار. واحتج للقول الأول في ذلك أيضًا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لضعفة أهله في الدفع من المزدلفة بليل، ولم يأذن بذلك من عرفة (?). ولو كان النهار فرضًا لأذن لهم. وهذا غير صحيح لوجهين:

أحدهما: أنهم استأذنوه في جمع، ولم يستأذنوه بعرفة، فمنعهم، فيعلم افتراق الحكمين.

والثاني: أنهم لو استأذنوه فمنعهم لأمكن أن يكون ذلك لأنهم في أفضل يوم وأفضل الساعات، ولما يرجى من الغفران والرحمة، وقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَا رُئيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ أَصْغَرُ وَلاَ أَدْحَرُ وَلاَ أَحْقَرُ وَلاَ أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015