التبصره للخمي (صفحة 1102)

وقال أبو محمد عبد الوهاب: الفقير الذي له الشيء اليسير الذي لا يكفيه، والمسكين الذي لا يملك شيئًا. وقيل عكسه: الفقير الذي لا شيء له، والمسكين (?) الذي له ما لا يكفيه (?).

وقال أبو القاسم ابن الجلاب: هما اسمان لمعنى واحد، وهو من يملك شيئًا يسيرًا لا يكفيه، ولا يقوم بمؤنته (?). واحتج من قال إن الفقير (?) له شيء بقول الشاعر:

أما الفقيرُ الذي كانت حَلُوبَتُهُ ... وَفقَ العيالِ فلم يُتْرك له سَبَدُ

وأما من قال: إنه الذي لا شيء له؛ فلأن اشتقاق الفقير من فقار الظهر، فكأنه بمنزلة من أصيب فقاره، ومن أصيب في ذلك خشي عليه الموت.

واختلف في قوله -عز وجل-: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} [البقرة: 273]، فاحتج به من نفى عن الفقير السؤال؛ لأنه يظن به أنه غني لتعففه عن المسألة، وقد بلغ به الجهد والخصاصة حتى ظهرت عليه، وعرفت في سيمته. وقيل فيها غير ذلك، واحتج بها من قال: إنه يسأل، لقوله تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273]. يقول: إنه يسأل الناس (?) ولا يلحف، وليس كذلك؛ لأن الله تعالى قد أخبر أنه يتعفف عن المسألة، والمراد؛ أنه لا يسأل ولا يُلحف (?)؛ لأنه يصح أن يسمى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015