فَخَرَجُوا يَوْمًا إِلَى عِيدٍ لَهُمْ فَخَرَجَ مَعَهُمْ , ثُمَّ أَلْقَى نَفْسَهُ فِي الطَّرِيقِ وَقَالَ: {إِنِّي سقيم}

فلما مضوا قال: {تالله لأكيدن أصنامكم} والكيد: احتيال الكائد في ضر الكيد وَأَرَادَ لأَكْسِرَنَّهَا. فَسَمِعَ الْكَلِمَةَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَأَفْشَاهَا عَلَيْهِ.

فَدَخَلَ بَيْتَ الأَصْنَامِ , وَكَانَتِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ صَنَمًا مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَنُحَاسٍ وَحَدِيدٍ وَخَشَبٍ , فكسرها وجعلهم جُذَاذًا أَيْ فُتَاتًا.

ثُمَّ وَضَعَ الْفَأْسَ فِي عنق الصنم الكبير {لعلهم إليه يرجعون} . فِي هَاءِ الْكِنَايَةِ قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى الصَّنَمِ فَيَظُنُّونَ أَنَّهُ فَعَلَ. وَالثَّانِي: إِلَى إِبْرَاهِيمَ , وَالْمُرَادُ الرُّجُوعُ إِلَى دِينِهِ.

فَلَمَّا رَجَعُوا " قالوا: من فعل هذا بآلهتنا " فنم عليه الذي سمع منه: {لأكيدن} فَقَالُوا: " سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ " أَيْ يَعِيبُهُمْ.

{قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ الناس} أي بمرأى منهم {لعهلم يشهدون} فيه ثلاثة اٌ قوال: أَحَدُهَا يَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَالَ لآلِهَتِنَا مَا قَالَ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ. قَالَهُ السُّدِّيُّ.

وَالثَّالِثُ: يَشْهَدُونَ عِقَابَهُ. قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ.

{قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إبراهيم} قال: {بل فعله كبيرهم} وَالْمَعْنَى أَنَّهُ غَضِبَ أَنْ تُعْبَدَ مَعَهُ الصِّغَارُ فَكَسَرَهَا.

وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَقِفُ عَلَى قَوْلِهِ: {بَلْ فعله} وَيَقُولُ مَعْنَاهُ فَعَلَهُ مَنْ فَعَلَهُ , ثُمَّ يَبْتَدِئُ {كبيرهم هذا} وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: هَذَا مِنَ الْمَعَارِيضِ , فَتَقْدِيرُهُ: {إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ فَقَدْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} .

{فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ} حِينَ عَبَدْتُمْ مَنْ لا يَتَكَلَّمُ {ثُمَّ نُكِسُوا على رءوسهم} أَيْ أَدْرَكَتْهُمْ حَيْرَةٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015