لا بُدَّ لِغِرْبَانِ الْفِرَاقِ مِنْ نَعِيبِ , أَنُسَاكِنُ الْغَفْلَةَ وَلِغَيْرِنَا نَعِيبُ , يَا مَنْ سِلَعُهُ كُلُّهَا مَعِيبُ , اذْكُرْ يَوْمَ الْفَزَعِ وَالتَّأْنِيبِ {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ ينادي المنادي من مكان قريب} .
لا بُدَّ وَاللَّهِ مِنْ فِرَاقِ الْعَيْشِ الرَّطِيبِ , وَالْتِحَافِ الْبِلَى مَكَانَ الطِّيبِ , وَاعَجَبًا لِلَذَّاتٍ بَعْدَ
هَذَا كَيْفَ تَطِيبُ , وَيْحَكَ أَحْضِرْ قَلْبَكَ لِوَعْظِ الخطيب {واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب} .
تَذَكَّرْ مَنْ قَدْ أُصِيبَ كَيْفَ نَزَلَ بِهِمْ يَوْمٌ عَصِيبٌ , وَانْتَبِهْ لأَحَظِّ الْحَظِّ وَالنَّصِيبِ [وَاحْتَرِزْ] فَعَلَيْكَ شَهِيدٌ وَرَقِيبٌ , إِذَا حَلَّ الْمَوْتُ حَلَّ الترركيب , وَتُقْلَبُ مُقَلُ الْقُلُوبِ فِي قَلْبِ التَّقْلِيبِ , فَتَنْزَعِجُ الرُّوحُ انْزِعَاجَ الصِّرْمَةِ [إِذَا] أَحَسَّتْ بِذِيبٍ , فَالْتَفِتْ يَا مُحِبَّ الْهَوَى عَنْ هَذَا الْحَبِيبِ {وَاسْتَمِعْ يوم ينادي المنادي من مكان قريب} .
سَتَخْرُجُ وَاللَّهِ مِنْ هَذَا الْوَادِي الرَّحِيبِ , وَلا يَنْفَعُكَ الْبُكَاءُ وَالنَّحِيبُ , لا بُدَّ مِنْ يَوْمٍ يَتَحَيَّرُ فِيهِ الشُّبَّانُ وَالشِّيبُ , وَيَذْهَلُ فِيهِ الطِّفْلُ لِلْهَوْلِ وَيَشِيبُ , يَا مَنْ عَمَلُهُ كُلُّهُ رَدِيءٌ فليته قد شيب {واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب} .
كَيْفَ بِكَ إِذَا أُحْضِرْتَ فِي حَالٍ كَئِيبٍ وَعَلَيْكَ ذُنُوبٌ أَكْثَرُ مِنْ رَمْلٍ كَثِيبٍ , وَالْمُهَيْمِنُ الطَّالِبُ وَالْعَظِيمُ الْحَسِيبُ , فَحِينَئِذٍ يَبْعُدُ عَنْكَ الأَهْلُ وَالنَّسِيبُ , النَّوْحُ أَوْلَى بِكَ يَا مَغْرُورُ مِنَ التَّشْبِيبِ , أَتُؤْمِنُ أَمْ عِنْدَكَ تَكْذِيبٌ , أَمْ [تُرَاكَ] تَصْبِرُ عَلَى التَّعْذِيبِ كَأَنَّكَ بِدَمْعِ الْعَيْنِ وَمَائِهَا قَدْ أُذِيبَ , اقْبَلْ نُصْحِي وَأَقْبِلْ عَلَى التَّهْذِيبِ {واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب}
يَا مُطَالَبًا بِأَعْمَالِهِ , يَا مَسْئُولا عَنْ أَفْعَالِهِ , يَا مَكْتُوبًا [عَلَيْهِ] جَمِيعُ أَقْوَالِهِ , يَا مُنَاقَشًا عَلَى كُلِّ أَحْوَالِهِ , نِسْيَانُكَ لِهَذَا أَمْرٌ عَجِيبٌ , أَتَسْكُنُ إِلَى الْعَافِيَةِ وَتُسَاكِنُ الْعَيْشَةَ الصَّافِيَةَ وَتَظُنُّ أَيْمَانَ الْغُرُورِ وَاقِيَةً , لا بُدَّ مِنْ سَهْمٍ مصيب {واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب} .