المجلس السادس
فِي قِصَّةِ ثَمُودَ
الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي مَهَّدَ لِطَالِبِيهِ سَبِيلا وَاضِحًا , وَكَمِ ابْتَعَثَ نَبِيًّا مُرْشِدًا نَاصِحًا , فَأَرْسَلَ آدَمَ غَادِيًا عَلَى بَنِيهِ بِالتَّعْلِيمِ ورائحا , فخلفه شِيثَ ثُمَّ إِدْرِيسَ , وَجَاءَ نُوحٌ نَائِحًا ,
وَأَمَرَ هُودًا بِهِدَايَةِ عَادٍ فَلَمْ يَزَلْ مُكَادِحًا {وَإِلَى ثمود أخاهم صالحا} .
أَحْمَدُهُ مَا بَدَا بَرْقٌ لائِحًا , وَأُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ مَا دَامَ الْفُلْكُ سَابِحًا , وَعَلَى صَاحِبِهِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ , وَقُلْ فِي الصِّدِّيقِ مَادِحًا , وَعَلَى عُمَرَ الْفَارُوقِ الَّذِي لَمْ يَزَلْ بِنُورِ الْحَقِّ لامِحًا , وَعَلَى عُثْمَانَ وَاعْجَبْ بِمِثْلِ دَمِهِ طَائِحًا , وَعَلَى عَلِيٍّ وَأَعْلِنْ بِفَضَائِلِهِ صَائِحًا , وَعَلَى عَمِّهِ الْعَبَّاسِ وَمَا زَالَ عَرْفُ طِيبِهِ نَافِحًا.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صالحا} .
ثَمُودُ: هُوَ ابْنُ عَابِرِ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. أَرْسَلَ إِلَى أَوْلادِهِ وَهُوَ: صَالِحُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أُنَيْفِ [بْنِ مَاشِحَ بن عبيد بن جادر ابن ثَمُودَ] .
وَالثَّمْدُ: الْمَاءُ الْقَلِيلُ الَّذِي لا مَادَّةَ لَهُ , وَإِنَّمَا قَالَ " أَخَاهُمْ " لأَنَّهُ مِنْ قَبِيلَتِهِمْ.
{قال يا قوم اعبدوا الله} أَيْ " وَحِّدُوهُ " فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَاؤُهُ إِلا طُغْيَانًا , فَقَالُوا: ائْتِنَا بِآيَةٍ فَاقْتَرَحُوا عَلَيْهِ نَاقَةً , فَأَخْرَجَهُمْ إِلَى صَخْرَةٍ مَلْسَاءَ فَتَمَخَّضَتْ تَمَخُّضَ الْحَامِلِ , ثُمَّ انفلقت عن ناقة على الضفة الَّتِي طَلَبُوهَا , ثُمَّ انْفَصَلَ عَنْهَا فَصِيلٌ فَقَالَ {ذَرُوهَا تَأْكُلُ فِي أَرْضِ اللَّهِ} أَيْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ مُؤْنَتُهَا وَلا عَلَفُهَا. وَتَأْكُلْ مَجْزُومَةٌ عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ الْمُقَدَّرِ , وَالْمَعْنَى إِنْ تَذَرُوَهَا تَأْكُلْ.