الْكَلامُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قياما وقعودا وعلى جنوبهم}
فِي الْمُرَادِ بِهَذَا الذِّكْرِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ الذِّكْرُ فِي الصَّلاةِ، يُصَلِّي الإِنْسَانُ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ. هَذَا قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ ذِكْرٌ فِي الصَّلاةِ وَغَيْرِهَا.
وَالثَّالِثُ: إِنَّهُ الْخَوْفُ. فَالْمَعْنَى يَخَافُونَ اللَّهَ فِي جَمِيعِ تَصَرُّفَاتِهِمْ.......
أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: " أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍ خَيْرٍ مِنْهُ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَمَنْ جَاءَنِي يَمْشِي جِئْتُهُ هَرْوَلَةً ".
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وَفِي أَفْرَادِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ؟ قَالَ الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكَرَاتِ ".
وَفِي أَفْرَادِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا حَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ".
وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " مَا مِنْ قَوْمٍ اجْتَمَعُوا يَذْكُرُونَ اللَّهَ لا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ إِلا وَجْهَ اللَّهِ إِلا نَادَاهُمْ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: قُومُوا مَغْفُورًا لَكُمْ قَدْ بَدَّلْتُ سَيِّئَاتِكُمْ حَسَنَاتٍ.