وَاللامُ حَرْفٌ وَالْمِيمُ حَرْفٌ ".
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ بِسَنَدِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: اقْرَأْ وَارْقَ وَرَتِّلْ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آية يقرؤها ".
وَاعْلَمْ أَنَّ لِتِلاوَةِ الْقُرْآنِ آدَابًا: مِنْهَا: أَنْ يَقْرَأَ وَهُوَ عَلَى وُضُوءٍ مُتَأَدِّبًا مُطْرِقًا مُرَتِّلا بِتَحْزِينٍ وَبُكَاءٍ مُسِرًّا مُعَظِّمًا لِلْكَلامِ وَالْمُتَكَلَّمِ بِهِ مُحْضِرًا لِقَلْبِهِ، مُتَدَبِّرًا لِمَا يَتْلُوهُ.
وَقَدْ كَانَ فِي السَّلَفِ مَنْ يَخْتِمُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. وَقَدْ كَانَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْتِمُ فِي الْوِتْرِ. وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَخْتِمُ خَتْمَتَيْنِ.
وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْتِمُ فِي رَمَضَانَ سِتِّينَ خَتْمَةً وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْتِمُ ثَلاثَ خَتَمَاتٍ، وَهَؤُلاءِ الَّذِينَ غَلَبَ عَلَيْهِمُ انْتِهَابُ الْعُمْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَخْتِمُ فِي كُلِّ
أُسْبُوعٍ اشْتِغَالا بِنَشْرِ الْعِلْمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَخْتِمُ كُلَّ شَهْرٍ إِقْبَالا عَلَى التَّدَبُّرِ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَامَ لَيْلَةً بِآيَةٍ يُرَدِّدُهَا: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عبادك} .
وَقَامَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ بِآيَةٍ: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجترحوا السيئات} . وَكَذَلِكَ قَامَ بِهَا الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ.
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ: إِنِّي لأُقِيمُ فِي الآيَةِ أَرْبَعَ لَيَالٍ أَوْ خَمْسَ لَيَالٍ.
وَقَدْ بَقِيَ بَعْضُ السَّلَفِ سَنَتَيْنِ فِي خَتْمَةٍ.
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ خَتَمَ الْقُرْآنَ فَلَهُ دَعْوَةٌ: مُسْتَجَابَةٌ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ: مَنْ خَتَمَ الْقُرْآنَ نَهَارًا غُفِرَ لَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَمَنْ خَتَمَهُ لَيْلا غُفِرَ لَهُ تلك الليلة.