الَّذِي يَكْتُبُ عَلَيْهِ السَّيِّئَاتِ. وَالشَّهِيدُ: هُوَ الَّذِي كَانَ يَكْتُبُ لَهُ الْحَسَنَاتِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ الْعَمَلُ يَشْهَدُ عَلَى الإِنْسَانِ. قَالَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ.
وَالثَّالِثُ: الأَيْدِي وَالأَرْجُلِ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِعَمَلِهِ. قَالَهُ الضَّحَّاكُ.
إِخْوَانِي احْذَرُوا مِنَ الْعَرْضِ عَلَى مَالِكِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ، وَأَعِدُّوا الْجَوَابَ إِذَا سُئِلْتُمْ عَنِ الْفَرْضِ، أَيْنَ الْحَيَاءُ مِنْ قُبْحِ الْمُضْمَرَاتِ، أَيْنَ الْبُكَاءُ عَلَى سَالِفِ الْخَطَرَاتِ، أَيْنَ الْخَوْفُ مِنَ الْجَزَاءِ عَلَى خَطَوَاتِ الْخَطِيئَاتِ.
كَتَبَ يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ إِلَى حُذَيْفَةَ الْمَرْعَشِيِّ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَالْعَمَلِ بِمَا عَلَّمَكَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالْمُرَاقَبَةِ حَيْثُ لا يَرَاكَ إِلا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَالاسْتِعْدَادِ لِمَا لَيْسَ لأَحَدٍ فِيهِ حِيلَةٌ ولا يُنْتَفَعُ بِالنَّدَمِ عِنْدَ نُزُولِهِ، فَاحْسِرْ عَنْ رَأْسِكَ قِنَاعَ الْغَافِلِينَ، وَانْتَبِهْ مِنْ رَقْدَةِ الْمَوْتَى وَشَمِّرْ لِلسِّبَاقِ غَدًا، فَإِنَّ الدُّنْيَا مَيْدَانَ الْمُسَابِقِينَ، وَلا تَغْتَرَّ بِمَنْ أَظْهَرَ النُّسُكَ وَتَشَاغَلَ بِالْوَصْفِ وَتَرَكَ الْعَمَلَ بِالْمَوْصُوفِ، وَاعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّهُ لا بُدَّ لِي وَلَكَ مِنَ الْمُقَامِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى، يَسْأَلُنَا عَنِ الدَّقِيقِ الْخَفِيِّ وَعَنِ الْجَلِيلِ الْخَافِي، وَلَسْتُ آمَنُ أَنْ يَسْأَلَنِي وَإِيَّاكَ عَنْ وَسْوَاسِ الصُّدُورِ وَلَحَظَاتِ الْعُيُونِ وَالإِصْغَاءِ لِلاسْتِمَاعِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لا يُجْزِي مِنَ الْعَمَلِ الْقَوْلُ وَلا مِنَ الْبَذْلِ الْعِدَةُ وَلا مِنَ التَّوَقِيِّ التَّلاوُمُ.
يَا مَنْ مَعَاصِيهِ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ، يَا مَنْ نَفْسُهُ بِمَنْ يَجْنِي عَلَيْهَا مَسْرُورَةٌ، أَفِي الْعَيْنِ كَمَهٌ أَمْ عَشَى أَمِ الأَمْرُ إِلَيْكَ يَجْرِي كَمَا تَشَا، أَعَلَى الْقَلْبِ حِجَابٌ أَمْ غِشَا، أَيَا مَنْ إِذَا قَعَدَ عَصَى وَكَذَا إِذَا مَشَى، كُلُّ فِعْلِكَ غَلَطٌ، كُلُّ عَمَلِكَ سَقَطَ، أَتُرَى هَذَا الْعَقْلَ اخْتَلَطَ، أَمَا قُوِّمَ بِهَذَا الشَّمَطِ، أَمَا عَلَّمَ الشَّيْبُ عَلَى حُرُوفِ الْمَوْتِ وَنَقَطَ، لَقَدْ عَزَمَ الأَجَلُ عَلَى النُّهُوضِ، وَطَالَ مَا أَقَامَ وَالدُّنْيَا قُرُوضٌ، قَصْرٌ يُبْنَى وَجِسْمٌ مَنْقُوضٌ، شَيْبٌ وَعَيْبٌ يُزَحْلِقُ الْفُرُوضَ:
(إِلَى مَتَى أَنْتَ فِي ذُنُوبٍ ... قَلْبُكَ مِنْ أَجْلِهَا مَرِيضُ)
(أُقْرِضْتَ عُمْرًا فَمَرَّ خَلْسًا ... وَآنَ أَنْ تُطْلَبَ الْقُرُوضُ)
(فَاحْذَرْ مَجِيءَ الْحِمَامِ بَغْتًا ... وَأَنْتَ فِي بَاطِلٍ تَخُوضُ)