بِزَلازِلِ أَهْوَالِهَا وَقَدْ عَلَتِ النَّارُ مُشْرِفَةً عَلَى أَهْلِهَا وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ لَسَرَّكَ أَنْ يَكُونَ لَكَ فِي ذَلِكَ الْجَمْعِ مَنْزِلَةٌ وَزُلْفَى.

أَبَعْدَ الدُّنْيَا دَارُ مُعْتَمَلٍ، أَمْ إِلَى غَيْرِ الآخِرَةِ مُنْتَقَلٌ؟ كَلا وَاللَّهِ لَقَدْ صُمَّتِ الأَسْمَاعُ عَنِ الْمَوَاعِظِ وَذَهِلَتِ الْقُلُوبُ عَنِ الْمَنَافِعِ.

وَعَظَ أَعْرَابِيٌّ ابْنَهُ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ إِنَّهُ مَنْ خَافَ الْمَوْتَ بَادَرَ الْفَوْتَ، وَمَنْ لَمْ يَكْبَحْ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ أَسْرَعَتْ بِهِ التَّبِعَاتُ، وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ أَمَامَكَ.

(فَيَا لَيْتَنِي هَامِدًا لا أَقُومُ ... إِذَا نَهَضُوا يَنْفُضُونَ اللَّمَمْ)

(وَنَادَى الْمُنَادِي عَلَى غَفْلَةٍ ... فَلَمْ يَبْقَ فِي أُذُنٍ مِنْ صَمَمْ)

(وَجَاءَتْ صَحَائِفُ قَدْ ضُمِّنَتْ ... كَبَائِرَ آثَامِهِمْ وَاللَّمَمْ)

(سَجْعٌ)

يَا أَسَفَا لِلْعُصَاةِ فِي مَآبِهَا، إِذَا قَلِقَتْ لِقَطْعِ أَسْبَابِهَا، وَغَابَتْ فِي الأَسَى عِنْدَ حُضُورِ عتابها {كل أمة تدعى إلى كتابها} . قَامَتِ الأُمَمُ عَلَى أَقْدَامِهَا فَأَقَامَتْ تَبْكِي عَلَى إِقْدَامِهَا، وَسَالَتْ عُيُونٌ مِنْ عُيُونِ غَرَامِهَا نَدَمًا على آثامها في أيامها واحتقابها {كل أمة تدعى إلى كتابها} .

ظَهَرَتْ أَهْوَالٌ لا تُوصَفُ، وَبَدَتْ أُمُورٌ لا تُعْرَفُ، وَكُشِفَ حَالاتٌ لَمْ تَكُنْ تُكْشَفُ، إِنْ لَمْ تَنْتَبِهْ لِهَذَا فَأَنْتَ أَعْرَفُ، سَتَعْلَمُ مَنْ يَلُومُ نَفْسَهُ عِنْدَ عَذَابِهَا {كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إلى كتابها} قُيِّدَتْ جَهَنَّمُ فَبَدَتْ بِأَزِمَّتِهَا، فَبَكَتِ النُّفُوسُ عَلَى دَنَاءَةِ هِمَّتِهَا، كَمْ مِنْ دُيُونٍ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهَا، عَلَى أَنَّهُ يَكْفِيهَا مَا بِهَا {كُلُّ أُمَّةٍ تدعى إلى كتابها} .

أَنْتَ تَدْرِي مَا فِي كِتَابِكَ، وَسَتَبْكِي وَاللَّهِ عِنْدَ عِتَابِكَ، وَسَتَعْلَمُ حَالَكَ يَوْمَ حِسَابِكَ، إِذَا كَلَّتْ كُلُّ الأَلْسُنِ عَنْ جَوَابِهَا {كُلُّ أُمَّةٍ تدعى إلى كتابها} يَا لَهُ يَوْمٌ لا كَالأَيَّامِ، تَيَقَّظَ فِيهِ مَنْ غَفِلَ وَنَامَ، وَيَحْزَنُ كُلُّ مَنْ فَرِحَ فِي الآثَامِ وَتَيَقَّنَ أَنَّ أَحْلَى مَا كُنْتَ فِيهِ أَحْلامٌ، وَاعَجَبًا لِضَحِكِ نَفْسٍ الْبُكَاءُ أَوْلَى بها {كل أمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015