هَاجِرًا لَنَا إِلَى كَمْ ذَا الْغَضَبُ، يَا مُضْغَةً يَا عَلَقَةً خِدْمَتُنَا نَسَبٌ، يَا مُؤْثِرًا غَيْرَنَا بِعْتَ الدُّرَّ بِالْخَشَبِ، أَمَا يَسُوقُكَ إِلَى الْخَيْرِ مَا يَشُوقُ؟ أَمَا يَعُوقُكَ عَنِ الضَّيْرِ مَا يَعُوقُ؟ مَتَى تَرْجِعُ حُرًّا يَا مَرْقُوقُ، مَتَى تَصِيرُ سَابِقًا يَا مَسْبُوقُ، إِيَّاكَ وَالْهَوَى فَكَمْ قَتَلَ عَاشِقًا مَعْشُوقٌ، أَوَّلُ الْهَوَى سَهْلٌ ثُمَّ تَتَخَرَّقُ الْخُرُوقُ، كُلَّمَا حُصِدَ نَبَاتُهُ بِمِنْجَلِ الصَّبْرِ أَخْرَجَتِ الْعُرُوقُ، إِنْ لَذَّ شُرْبُهُ فِي الفم فشربه شجا فِي الْحُلُوقِ، وَإِنَّمَا لَذَّاتُ الدُّنْيَا مِثْلُ خَطْفِ الْبُرُوقِ، مَيِّزْ بَيْنَ مَا يَفْنَى وَمَا يَبْقَى تَرَ الْفُرُوقَ، خَلِّ خِلَّ التَّوَانِي إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَفُوقَ، تَاللَّهِ مَا نَصَحَكَ إِلا مُحِبٌّ أَوْ صَدُوقٌ.

سَتَعْلَمُ أَيُّهَا الْعَاصِي مَا أَتَيْتَ، وَسَتَدْرِي يَوْمَ الْحِسَابِ مَنْ عَصَيْتَ، وَسَتَبْكِي دَمًا لِقُبْحِ مَا جَنَيْتَ، كَأَنَّكَ بِالْمَوْتِ قَدْ جَاءَ فَانْتَهَيْتَ وَارْعَوَيْتَ، وَتَذَكَّرْتَ تِلْكَ الْخَطَايَا فَتَعِسْتَ

وَبَكَيْتَ، وَأُخْلِيَ مِنْكَ الْبَيْتُ شِئْتَ أَوْ أَبَيْتَ، وَصِحْتَ بِلِسَانِ الأَسَفِ: " رِبِّ ارْجِعُونِي " وَلَيْتَ، انْهَضْ يَا حَيًّا قَادِرًا قَبْلَ أَنْ تُسَمَّى بِاسْمِ مَيِّتٍ، وَيْحَكَ تَأَمَّلْ أَمْرَكَ وَافْتَحْ عَيْنَيْكَ، وَيْحَكَ كَمْ تعبى مِنَ الذُّنُوبِ عَلَيْكَ، إِنَّ سِهَامَ الْمَوْتِ قَدْ فُوِّقَتْ إِلَيْكَ، اقْبَلْ نُصْحِي وَقُمْ نَادِمًا عَلَى قَدَمَيْكَ، وَأَحِسَّهَا أَرْضَ عَرَفَةَ وَقُلْ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ.

الْكَلامُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى

{وَأَذِّنْ فِي الناس بالحج يأتوك رجالا}

قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لَمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُؤَذِّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا رَبِّ وَمَا يَبْلُغُ صَوْتِي؟ قَالَ: أَذِّنْ وعلي البلاغ. فعلا أبا قبيس وقال: يا أيها النَّاسُ إِنَّ رَبَّكُمْ قَدْ بَنَى بَيْتًا فَحُجُّوهُ. فأسمع من أصلاب الرجال وأرحام النساء ما سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَحُجَّ فَأَجَابُوهُ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ.

وَقَوْلُهُ: " رِجَالا " أَيْ مُشَاةً. وَقَدْ حَجَّ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ مَاشِيَيْنِ، وحج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015