عنان لهوه في ميدان زهوه إرسالا؛ كألك بحفنيك حِينَ عُرِضَ الْكِتَابُ عَلَيْكَ قَدْ سَالا.

أَيْنَ الْمُعْتَرِفُ بِمَا جَنَاهُ , أَيْنَ الْمُعْتَذِرُ إِلَى مَوْلاهُ , أَيْنَ التَّائِبُ مِنْ خَطَايَاهُ , أَيْنَ الآيِبُ مِنْ سَفَرِ هَوَاهُ , نِيرَانُ الاعْتِرَافِ تَأْكُلُ خَطَايَا الاقْتِرَافِ , مَجَانِيقُ الزَّفَرَاتِ تَهْدِمُ حُصُونَ السَّيِّئَاتِ , مِيَاهُ الْحَسَرَاتِ تَغْسِلُ أَنْجَاسَ الْخَطِيئَاتِ.

يَا طَالِبَ النَّجَاةِ دُمْ عَلَى قَرْعِ الْبَابِ , وَزَاحِمْ أَهْلَ التُّقَى أُولِي الأَلْبَابِ , وَلا تَبْرَحْ وَإِنْ لَمْ يُفْتَحْ فَرُبَّ نَجَاحٍ بَعْدَ الْيَأْسِ , وَرُبَّ غِنًى بَعْدَ الإِفْلاسِ.

(صَبْرًا فَمَا يَظْفَرُ إِلا مَنْ صَبَرْ ... إِنَّ الليالي واعدات بِالظَّفَرْ)

(وَرُبَّمَا يَنْهَضُ جِدُّ مَنْ عَثَرْ ... وَرُبَّ عَظْمٍ هِيضَ حِينًا وَانْجَبَرْ)

إِذَا تُبْتَ مِنْ ذُنُوبِكَ فَانْدَمْ عَلَى عُيُوبِكَ , وَامْحُ بِدُمُوعِكَ قَبِيحَ مَكْتُوبِكَ , وَالْبَسْ جِلْبَابَ الْفَرَقِ , وَتَضَرَّعْ عَلَى بَابِ الْقَلَقِ , وَقُلْ بِلِسَانِ الْمُحْتَرِقِ:

(قَدْ فَعَلْتُ الْقَبِيحَ وَهُوَ شَبِيهِي ... خَطَأً فَافْعَلِ الْجَمِيلَ بِعَفْوِكَ)

(وَفَدَتْ رَغْبَتِي إِلَيْكَ وَمَا زِلْتَ ... تُحْيِي بِالنُّجْحِ أَوْجُهَ وَفْدِكَ)

قِفْ وُقُوفَ الْمُنْكَسِرِينَ , وَتَبَتَّلْ تَبَتُّلَ الْمُعْتَذِرِينَ , وَاسْتَشْعِرِ الْخُضُوعَ , وَاسْتَجْلِبِ الدُّمُوعَ , وَاحْتَلْ وَاحْذَرْ سَهْمَ الْغَضَبِ أَنْ يُصِيبَ الْمَقْتَلَ.

(يَا سَيِّدِي مَا هَفْوَتِي بِغَرِيبَةٍ ... مِنِّي وَلا غُفْرَانُهَا بِطَرِيفِ)

(فَإِنْ تَقْبَلِ الْعَبْدَ الضَّعِيفَ تَطَوُّلا ... فَإِنَّ رَجَائِي فِيكَ غَيْرُ ضَعِيفِ)

كَمْ أَتَيْتُ ذَنْبًا فَسُتِرْتُ , وَكَمْ جَنَيْتُ جِنَايَةً فَنُظِرْتُ , فَبِالْحِلْمِ وَالْكَرَمِ إِلا غَفَرْتَ.

(فَقَدْ طَالَمَا أَنْقَذَتْنِي يَدَاكَ ... وَقَدْ قَلْقَلَتْنِي حِبَالُ الرَّدَى)

(فَوَاللَّهِ لا شِمْتُ غَيْثًا سِوَاكَ ... فَإِمَّا نَدَاكَ وَإِمَّا الصَّدَى)

إِخْوَانِي: إِنَّمَا مَرَضُ الْقُلُوبِ مِنَ الذُّنُوبِ , وَأَصْلُ الْعَافِيَةِ أَنْ تَتُوبَ , دَوَامُ التخليط بوقع في صعاب العلل , أسمعت يا مربض الشَّرَهِ، كَمْ رَأَيْتَ صَرِيعًا لِلْهَوَى!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015