خَادِمًا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالرَّبُّ قَدْ أَنْعَمَ بِتَقْرِيبِهِ إِلَيْهِ، وَكَشَفَ لَهُ الْحِجَابَ حَتَّى رَآهُ بِعَيْنَيْهِ، فَحَمَاهُ بِأَلْطَافِهِ مِنَ الزَّيْغِ فِي طَرِيقِهِ، وَأَيَّدَهُ بِإِسْعَافِهِ وَإِسْعَادِهِ وَتَوْفِيقِهِ، وَعَضَّدَهُ فِي صِدْقِهِ بِتَصْدِيقِ صَدِيقِهِ، سُبْحَانَ مَنْ رَفَعَهُ فَوْقَ الأَفْلاكِ، وَقَدَّمَهُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ وَالأَمْلاكِ، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ أَهْلٌ لِذَاكَ، لأَنَّهُ أَطْوَلُ الْقَوْمِ فِي جِهَادِ أَهْلِ الإِشْرَاكِ ذيلاً {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا} .
طَيَّبَهُ بِأَزْكَى الْخَلائِقِ ثُمَّ رَفَعَهُ [عَلَى أَزْكَى الْخَلائِقِ] فَوْقَ السَّبْعِ الشِّدَادِ الطَّرَائِقِ، فَيَا فَخْرَ ذَاكَ الْمُقَدَّمِ السَّابِقِ رَجْلا وَخَيْلا {سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بعبده ليلا} .
أَوْقَدَ لِهِدَايَةِ الْخَلْقِ سِرَاجَهُ، وَشَادَ قَوَاعِدَ دِينِهِ وَأَبْرَاجِهِ، وَقَوَّى دَلِيلَهُ وَأَظْهَرَ احْتِجَاجِهِ، فَالْخِزْيُ كُلُّ الْخِزْيِ لِمَنْ جَحَدَ مِعْرَاجَهُ وَيْلا لَهُ وَيْلا {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا} .
كَلَّمَهُ كِفَاحًا، وَمَنَحَهُ فَلاحًا، وَسَقَاهُ مِنْ شَرَابِ الْمَحَبَّةِ رَاحًا يَمِيلُ بِأَعْطَافِهِ مَيْلا {سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بعبده ليلا} .
أَصْلَحَ بِتَدْبِيرِهِ طِبَاعَ الْمَرْضَى، وَجَعَلَ طَاعَتَهُ عَلَى الْخَلْقِ فَرْضًا، وَضَمِنَ أَنْ يُعْطِيَهُ حَتَّى يَرْضَى، كَيْلا يَحْصُرُ مَا يُعْطَى وَزْنًا وَكَيْلا {سُبْحَانَ الذي أسرى بعبده ليلا} .
عَاشَ فِي الدُّنْيَا بِالْقَنَاعَةِ، وَصَبَرَ عَلَى الْفَقْرِ وَالْمَجَاعَةِ، وَيَكْفِيهِ فَخْرًا شَرَفُ الشَّفَاعَةِ، وَشَغَلَهُ ذِكْرُ الْقِيَامَةِ وَالسَّاعَةِ أَنْ يَكُونَ مَلِكًا أَوْ قَيْلا {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا} .
كَانَ يَجُوعُ فَيَشُدُّ الْحَجَرَ، وَيَفْتَقِرُ فَيُصَابِرُ الضَّرَرَ، رَاضِيًا بِالظَّمَإِ وَقَطْرُ الْمَطَرِ مِنْ سَحَابِ الدُّنْيَا يَجْرِي سَيْلا {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا} .
سُبْحَانَ مَنْ شَرَّفَنَا بِهَذَا الرَّسُولِ، وَرَزَقَنَا مُوَافَقَةَ الْمَنْقُولِ، فَنَحْنُ أَهْلُ السُّنَّةِ لا أَهْلُ الْفُضُولِ، لا نَزَالُ عَلَى الصِّرَاطِ وَلا نَزُولُ، مَا نَعْرِفُ مَيْلا {سُبْحَانَ الَّذِي