أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الأَنْصَارِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن علي الآبنوسي، أنبأنا عبد الملك
ابن عُمَرَ الْبَزَّارُ، أَنْبَأَنَا أَبُو حَفْصِ بْنُ شَاهِينَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي شَوْذَبٍ، عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ شهر ابن حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " مَنْ صَامَ يَوْمَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ كُتِبَ لَهُ صيام ستين شهراً ". وهو اليوم الَّذِي نَزَلَ فِيهِ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَوَّلُ يَوْمٍ هَبَطَ فِيهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا} مَعْنَى التَّسْبِيحِ: التَّنْزِيهُ عَنْ كُلِّ سُوءٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَبَّحَ نَفْسَهُ عِنْدَ كُلِّ عَظِيمٍ لَمَّا كَانَ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنْ عَجَائِبِ الأُمُورِ وَمِمَّا لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، ثُمَّ ادَّعَى الْمُشْرِكُونَ وُجُودَ شَرِيكٍ مَعَهُ نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تمسون وحين تصبحون} وَلَمَّا اخْتَارَ عَائِشَةَ لِنَبِيِّهِ فَقُذِفَتْ سَبَّحَ نَفْسَهُ أَنْ يَخْتَارَ لِلْمُخْتَارِ إِلا خَيِّرَةً فَقَالَ: {سُبْحَانَكَ هذا بهتان عظيم} وَلَمَّا أَسْرَى بِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَذَّبَهُ الْكُفَّارُ سَبَّحَ نَفْسَهُ لأَنَّ قُدْرَتَهُ لا تُعْجَزُ. وَالْمُنْعَمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَهْلٌ فَقَالَ: {سُبْحَانَ الذي أسرى بعبده ليلا} .
وأسرى بِمَعْنَى سَيْرُ عَبْدِهِ. وَيُقَالُ: سَرَيْتُ وَأَسْرَيْتُ، إِذَا سِرْتُ لَيْلا. وَقَدْ جَاءَتِ اللُّغَتَانِ فِي الْقُرْآنِ. قال تعالى: {والليل إذا يسر} .
والمراد بعبده ها هنا: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وتعالى: {من المسجد الحرام} فِيهِ قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مِنْ نَفْسِ الْمَسْجِدِ قَالَهُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ: {بَيْنَا أَنَا فِي الْحَطِيمِ أَوْ فِي الْحِجْرِ} .