والثاني: أنهم استعظموا معصية المستخلفين فكأنهم قالوا: كيف يعصونك وقد استخلفتهم، وإنما ينبغي أن يسبحوا كما نسبح نحن.
والثالث: أنهم تعجبوا من استخلاف من يفسد.
والرابع: أنهم استفهموا عن حال أنفسهم، فتقدير الكلام: أتجعل فيها من يفسد ونحن نسبح أم لا. ذكره ابن الأنباري.
والمراد بالفساد العمل بالمعاصي، وسفك الدم: صبه وإراقته. وشدد السين أبو نهيك. وقرأ طلحة بن مصرف " يسفك " بضم الفاء.
والتسبيح: التنزيه لله من كل سوء. والتقديس: التطهير. والمعنى: ننزهك ونعظمك.
قوله تعالى: {إني أعلم ما لا تعلمون} أي أنه سيكون من ذريته أنبياء صالحون.
وأما خلق آدم فَأَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَوْفٍ الأَعْرَابِيِّ، عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الأَرْضِ، فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الأَرْضِ، جَاءَ مِنْهُمُ الأَبْيَضُ وَالأَحْمَرُ وَالأَسْوَدُ وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَالْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَالسَّهْلُ وَالْحَزْنُ، وَبَيْنَ ذَلِكَ ".
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ جَاءَ بِالطِّينِ الَّذِي خُلِقَ مِنْهُ آدَمُ، عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إِبْلِيسُ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ. وَالثَّانِي: مَلَكُ الْمَوْتِ قَالَ السُّدِّيُّ عَنْ أَشْيَاخِهِ: بَعَثَ اللَّهُ مَلَكَ الْمَوْتِ فَجَاءَ بِالطِّينِ فَبُلَّ ثُمَّ تُرِكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً حَتَّى أَنْتَنَ ثُمَّ نَفَخَ فِيهِ الروح.