فَهُمْ أَوَّلُ أُمَّةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ. وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: " أَهْلُ الْجَنَّةِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ صَفًّا، أُمَّتِي مِنْهُمْ ثَمَانُونَ صَفًّا ".
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا عبد الله ابن أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " أَلا إِنَّكُمْ تُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ".
فَالْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي أَعْطَانَا بِجُودِهِ وَفَضْلِهِ مَا لَسْنَا مِنْ أَهْلِهِ.
(لِلنَّقْصِ مِنْ أعمارنا ما يكمل ... والدهر يوئسنا وَنَحْنُ نُؤَمِّلُ)
(تَمْشِي الْمَنُونُ رُوَيْدَهَا لِتَغُرَّنَا ... أَبَدًا فَتُدْرِكَنَا وَنَحْنُ نُهَرْوِلُ)
(يَا مُعْجَبًا بِالْعَيْشِ طَالَ بَقَاؤُهُ ... بَطَرًا بَقَاؤُكَ فِي الْمَنِيَّةِ أَطْوَلُ)
(عَنْ جَانِبَيْ دُنْيَاكَ فَارْغَبْ إِنَّهُ ... أَوْدَى الْحَرِيصُ وَمَا نَجَا الْمُتَوَكِّلُ)
(وَإِذَا الْجُفُونُ تَخَلَّصَتْ مِنْ ... مُجْمَلِ الشُّبُهَاتِ خَلَّصَ نَفْسَهُ مَنْ يَعْقِلُ)
(دُنْيَا تُسِرُّ بِمَا يُضَرُّ بِمِثْلِهِ ... وَاسْمٌ لَهَا شَهْدٌ وَمَعْنًى حَنْظَلُ)
يَا هَذَا: الدُّنْيَا دَارُ الْمِحَنِ وَدَائِرَةُ الْفِتَنِ، سَاكِنُهَا بِلا وَطَنٍ وَاللَّبِيبُ قَدْ فَطِنَ، أَيْنَ مَنْ مَالَ إِلَى حُبِّ الْمَالِ بِالآمَالِ وَصَبَا، وَأَصْبَحَ بَيْنَ غُبُوقِهِ وَصُبُوحِهِ لا يَعْرِفُ وَصَبًا، وَتَقَلَّبَ بِجَهْلِهِ فِي رَوْضَتَيْ هَوًى وَصِبًا، وَأَضْحَى عَلَمُ شَهَوَاتِهِ عَلَى قِبَابِ عِزِّهِ مُنْتَصِبًا، وَظَلَّ رَبِيعُ رَبْعِهِ بِوُفُورِ جَمْعِهِ خِصْبًا، وَكُلَّمَا دُعِيَ إِلَى نَفْعِهِ فِي عَاقِبَتِهِ أَبَى، أَمَا شَارَكَ بِمَصْرَعِهِ الْفَاجِعِ لَهُ أُمًّا وَأَبًا، أَمَا صَارَ إِذْ رَحَلَ نَبَا، أَتُرَاهُ تَزَوَّدَ لِمَذْهَبِهِ إِذْ أُذْهِبَ ذَهَبًا، لَقَدْ لَقِيَ وَاللَّهِ إِذْ نَصَبَ الْمَوْتُ شَرَكَهُ نَصَبًا، أَيْنَ مَنْ رَضِيَ ظِلالَ الْبَطَالَةِ بِضَلالِهِ رَبْعًا وَفِنَا، أَمَا أَدْرَكَهُ التَّلَفُ فِي أَسْوَإِ حَالِهِ ثِيَابًا وَفَنَا، لَقَدْ غادره جفاؤه لما يَنْفَعْهُ جَفَا، لا يَجِدُ لِمَرَضِهِ إِذْ تَمَكَّنَ مِنْ جُمْلَتِهِ شِفَا، أَيْنَ مَنْ كَانَ مَجْلِسُهُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الصُّدُورِ، أَيْنَ مَنْ كَانَتْ همته