(سَاكِنٌ فِي الْقَلْبِ يَعْمُرُهُ ... لَسْتُ أَنْسَاهُ فَأَذْكُرُهُ)
(وَهُوَ مَوْلايَ رَضِيتُ بِهِ ... وَنَصِيبِي مِنْهُ أُوَفِّرُهُ)
(غَابَ عَنْ سَمْعِي وَعَنْ بَصَرِي ... فَسُوَيْدَا الْقَلْبِ يُبْصِرُهُ)
للَّهِ دَرُّ أَلْسِنَةٍ بِذِكْرِي تَجْرِي , وَيَا فَخْرَهُمْ وَهِمَمَهُمْ إِلَى بَابِي تَسْرِي وَيَا رَاحَةَ أَبْدَانِهِمْ تَعِبَتْ بَيْنَ نَهْيِي وَأَمْرِي , طَالَمَا اطَّلَعْتُ عَلَيْهِمْ وَهُمْ عَلَى بَابِ شُكْرِي , رَفَضُوا شَهَوَاتِهِمْ فَالنُّفُوسُ فِي أَسْرِي , قَطَعُوا جَوَادَ الْجِدِّ وَأَنْتَ فِي الْغَفْلَةِ مَا تَدْرِي.
[اذْكُرِ] اسْمَ مَنْ إِذَا أَطَعْتَهُ أَفَادَكَ , وَإِذَا أَتَيْتَهُ شَاكِرًا زَادَكَ وَإِذَا خَدَمْتَهُ أَصْلَحَ قَلْبَكَ وَفُؤَادَكَ.
قَالَ الشِّبْلِيُّ: لَيْسَ لِلأَعْمَى مِنَ الْجَوْهَرِ إِلا لَمْسُهُ , وَلَيْسَ لِلْجَاهِلِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلا النُّطْقُ بِاللِّسَانِ.
(ذِكْرُكَ لِي مُؤْنِسٌ يُعَارِضُنِي ... يَعِدُنِي عَنْكَ مِنْكَ بِالظَّفْرِ)
(وَكَيْفَ أَنْسَاكَ يَا مَدَى هِمَمِي ... وَأَنْتَ مِنِّي بِمَوْضِعِ النَّظَرِ)
يَا مَنْ يَرْجُو الثَّوَابَ بِغَيْرِ عَمَلٍ , وَيُرْجِئُ التَّوْبَةَ بِطُولِ الأَمَلِ , أَتَقُولُ فِي الدُّنْيَا قَوْلَ الزَّاهِدِينَ وَتَعْمَلُ فِيهَا عَمَلَ الرَّاغِبِينَ , لا بِقَلِيلٍ مِنْهَا تَقْنَعُ , وَلا بِكَثِيرٍ مِنْهَا تَشْبَعُ , تَكْرَهُ الْمَوْتَ لأَجْلِ ذُنُوبِكَ وَتُقِيمُ عَلَى مَا تَكْرَهُ [الْمَوْتَ لَهُ] تَغْلِبُكَ نَفْسُكَ عَلَى مَا تَظُنُّ وَلا تَغْلِبُهَا عَلَى مَا تَسْتَيْقِنُ , لا تَثِقُ مِنَ الرِّزْقِ بِمَا ضُمِنَ لَكَ وَلا تَعْمَلُ مِنَ الْعَمَلِ مَا فُرِضَ عَلَيْكَ , تَسْتَكْثِرُ مِنْ مَعْصِيَةِ غَيْرِكَ مَا تُحَقِّرُهُ مِنْ نَفْسِكَ.
أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ الدُّنْيَا كَالْحَيَّةِ , لَيِّنٌ لَمْسُهَا وَالسُّمُّ النَّاقِعُ فِي جَوْفِهَا , يَهْوِي إِلَيْهَا الصَّبِيُّ
الْجَاهِلُ وَيَحْذَرُهَا ذُو اللُّبِّ الْعَاقِلُ , كَيْفَ تَقَرُّ بِالدُّنْيَا عَيْنُ مَنْ عرفها , وما أبعد أن يفطم عنها من أَلِفَهَا:
(حَقِيقٌ بِالتَّوَاضُعِ مَنْ يَمُوتُ ... وَحَسْبُ الْمَرْءِ مِنْ دُنْيَاهُ قُوتُ)
(فَمَا لِلْمَرْءِ يُصْبِحُ ذَا اهْتِمَامٍ ... وَحُزْنٍ لا تَقُومُ بِهِ النُّعُوتُ)
(فَيَا هَذَا سَتَرْحَلُ عَنْ قَرِيبٍ ... إِلَى قَوْمٍ كَلامُهُمُ السكوت)