يَسَارٍ , عَنْ أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ. فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ. فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا لَنَا لا نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ. فَيَقُولُ: إِنِّي لأُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ: قَالُوا: وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ أَبَدًا ".
(لِي إِلَى وَجْهِكَ شَوْقٌ ... وَإِلَى قُرْبِكَ فَاقَهْ)
(لَيْسَ لِي وَاللَّهِ يَا سُؤْلِي ... بِهِجْرَانِكَ طَاقَهْ)
(لا وَلا حَدَّثْتُ عَنْ ... حُبِّكَ قَلْبِي بِإِفَاقَهْ)
{للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} سُبْحَانَ مَنِ اخْتَارَ أَقْوَامًا لِلإِفَادَةِ , فَصَارَتْ نُهْمَتُهُمْ فِي تَحْصِيلِ اسْتِفَادَةٍ , وَمَا زَالَتْ بِهِمُ الرِّيَاضَةُ حَتَّى تَرَكُوا الْعَادَةَ , شَغَلَتْهُمْ مَخَاوِفُهُمْ عَنْ كُلِّ عَادَةٍ , وَأَنَالَهُمُ الْمَقَامَ الأَسْنَى {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وزيادة} .
كُلُّ مِنْهُمْ قَدْ هَجَرَ مُرَادَهُ , وَشَمَّرَ لِتَصْحِيحِ الإِرَادَةِ , عَلَتْ هِمَمُهُمْ فَطَلَبُوا الزِّيَادَةَ , وَعَامَلُوا مَحْبُوبَهُمْ يَرْجُونَ وِدَادَهُ , وَرَفَعُوا مَكْتُوبَ الْحُزْنِ وَجَعَلُوا الدَّمْعَ مداده {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} .
رَفَضُوا الدُّنْيَا شُغُلا بِالدِّينِ , وَسَلَكُوا مِنْهَاجَ الْمُهْتَدِينَ , وَسَابَقُوا سِبَاقَ الْعَابِدِينَ , فَصَارُوا أَئِمَّةً لِلْمُرِيدِينَ وَقَادَةً {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} .
هَجَرُوا فِي مَحَبَّتِهِ كُلَّ غَرَضٍ , وَأَقْبَلُوا عَلَى أَدَاءِ الْمُفْتَرَضِ , وَالْتَفَتُوا إِلَى الْجَوْهَرِ مُعْرِضِينَ عَنِ الْعَرَضِ , فَأَنْحَلَهُمُ الْخَوْفُ فَصَارُوا كَالْحَرَضِ , يَا لَهُ مِنْ مَرَضٍ لا يَقْبَلُ عِيَادَةً {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الحسنى وزيادة} .