فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَشِّرْ صَاحِبَكَ بِغُلامٍ. فَلَمَّا سَمِعَ الرَّجُلُ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَابَهُ فَجَعَلَ يَتَنَحَّى عَنْهُ , فَقَالَ: مَكَانَكَ كَمَا أَنْتَ. فَحَمَلَ الْبُرْمَةَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَوَضَعَهَا عَلَى الْبَابِ ثُمَّ قَالَ: أَشْبِعِيهَا. فَفَعَلَتْ. ثُمَّ أَخْرَجَتِ الْبُرْمَةُ فَوَضَعَتْهَا عَلَى الْبَابِ فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَهَا فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيِ الرَّجُلِ فَقَالَ: كُلْ وَيْحَكَ فَإِنَّكَ قَدْ سَهِرْتَ مِنَ اللَّيْلِ. فَفَعَلَ ثُمَّ قَالَ لامْرَأَتِهِ اخْرُجِي. وَقَالَ لِلرَّجُلِ: إِذَا كَانَ غَدٌ فَائْتِنَا نَأْمُرُ لَكَ بِمَا يُصْلِحُكَ. فَفَعَلَ الرَّجُلُ فَأَجَازَهُ وَأَعْطَاهُ.

وَكَانَ يَقُولُ: لَوْ مات جدي بطف الْفُرَاتِ لَخَشِيتُ أَنْ يُحَاسِبَ اللَّهُ بِهِ عُمَرَ.

وَكَانَ فِي وَجْهِهِ خَطَّانِ أَسْوَدَانِ مِثْلُ الشِّرَاكِ مِنَ الْبُكَاءِ. وَكَانَ يَمُرُّ بِالآيَةِ مِنْ وِرْدِهِ بِاللَّيْلِ فَيَبْكِي حَتَّى يَسْقُطَ وَيَبْقَى فِي الْبَيْتِ حَتَّى يُعَادَ لِلْمَرَضِ. وَكَانَ يَصُومُ الدَّهْرَ.

قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إِذَا شِئْتُمْ أَنْ يَطِيبَ الْمَجْلِسُ فَعَلَيْكُمْ بِذِكْرِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

(كُلَّ يَوْمٍ مَجْدٌ وَفَخْرٌ يُشَادُ ... وَطَرِيفٌ مِنَ الْمُنَى وَتِلادُ)

(وَكِرَامٌ مِنَ الْمَسَاعِي حِسَانٌ ... عَجَزَتْ عَنْ طِلابِهَا الْحُسَّادُ)

(هِمَمٌ دُونَهَا الْكَوَاكِبُ تَتْلُو ... عَزَمَاتٍ لِلنَّارِ فِيهَا اتِّقَادُ)

(كُلَّمَا قِيلَ قَدْ دَجَى لَيْلُ خَطْبٍ ... فَلِرَأْيِ الْفَارُوقِ فِيهِ زِنَادُ)

(مُغْرَمٌ بِالْمَكَارَمِ الْغِرُّ لَمَّا ... ضُمَّ أَبْكَارُهَا إِلَيْهِ الْوِلادُ)

(سَاهِرُ الْعَيْنِ بِالْعَزَائِمِ يَقْظَانٌ ... وَقَدْ قَيَّدَ الْعُيُونَ الرُّقَادُ)

(قَدْ كَفَتْهُ الْمَنَاقِبُ الْمَدْحَ إِلا ... مَدْحَنَا مِنْ صِفَاتِهِ يُسْتَفَادُ)

مَا زَالَ الإِسْلامُ قَرِيرَ الْعَيْنِ مَا دَامَ مَفْتُوحَ الْعَيْنِ. كَانَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَئِنْ بَقِيتُ لَيَأْتِيَنَّ الرَّاعِي بِجَبَلِ صَنْعَاءَ حَظُّهُ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَهُوَ يَرْعَى مَكَانَهُ.

(وَقَبْضُ الْمَحَلِّ بِبَسْطِ رَاحِهِ ... أَعْدَى الْجَهَامُ جُودَهَا فَهَتَّنَا)

(أَوْصَافُهُ تُمْلَى عَلَى مُدَّاحِهِ ... مَا سَطَّرَ الْمَجْدُ لَهُ وَدَوَّنَا)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015