(سَبَقَ النَّاسُ إِلَيْهَا صَفْقَةً ... لَمْ يَعُدْ رَائِدُهَا عَنْهَا بِغَبْنِ)
(هِزَّةٌ لِلْجُودِ صَارَتْ نَشْوَةً ... لَمْ يكدر عندها العرف بمن)
(طلبوا الشاء فوافى سابقا ... جرع غبر في وجه المشن)
جَازَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَلَى بِلالٍ وَهُوَ يُعَذَّبُ فَجَذَبَ مِغْنَاطِيسُ صَبْرِ بِلالٍ حَدِيدَ صِدْقِ الصِّدِّيقِ , وَلَمْ يَبْرَحْ حَتَّى اشْتَرَاهُ وَكَسَرَ قَفَصَ حَبْسِهِ , فَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا وَأَعْتَقَ بِلالا سَيِّدَنَا.
تَعِبَ فِي الْمَكَاسِبِ فَنَالَهَا حَلالا , ثُمَّ أَنْفَقَها حَتَّى جَعَلَ فِي الْكِسَاءِ خِلالا , قَالَ لَهُ الرَّسُولُ أَسْلِمْ فَكَانَ الْجَوَابُ نَعَمْ بِلا: لا , وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ فِي الإِسْلامِ إِلا أَنَّهُ أَعْتَقَ بِلالا.
(أَبُو بَكْرٍ حَبَا فِي اللَّهِ مَالا ... وَأَعْتَقَ فِي مَحَبَّتِهِ بِلالا)
(وَقَدْ وَاسَى النَّبِيَّ بِكُلِّ فَضْلٍ ... وَأَسْرَعَ فِي إجابته بلا: لا)
(لو أن البحر يقصده ببعض ... لما ترك الإله به بلالا)
كَانَتْ فَضَائِلُهُ الْبَاطِنَةُ مَسْتُورَةً بِنِقَابِ " مَا سَبَقَكُمْ أَبُو بَكْرٍ بِصَوْمٍ وَلا صَلاةٍ , وَلَكِنْ بِشَيْءٍ وَقَرَ فِي صَدْرِهِ " فَهِيَ مُجَانَسَةٌ لِمَنْقَبِهِ: {فَأَوْحَى إلى عبده ما أوحى} .
(إِنْ كَانَ حُبُّ عَتيِقٍ عَقَدَ النَّوَاصِبِ ... فَإِنَّنِي نَاصِبِي مِنْ نَسْلِ نَاصِبِي)
(مَنْ كَانَ خَيْرَ رَفِيقٍ لِخَيْرِ صَاحِبِ ... كَهْفًا لَهُ وَمُعِينًا عَلَى النَّوَائِبِ)
(لَهُ الأَمَانَةُ بِالنَّصِّ غَيْرَ غَاصِبِ ... أَتُشَبِّهُ سِتْرًا بِنَسْجِ الْعَنَاكِبِ)
(وَلِلسَّكِينَةِ فِيهِ أَعْلَى الْمَنَاقِبِ ... مَنَاقِبُ هُنَّ كَالأَنْجُمِ الثَّوَاقِبِ)
جَمَعَ يَوْمَ الرِّدَّةِ شَمْلَ الإِسْلامِ بَعْدَ أَنْ نَعَقَ غُرَابُ الْبَيْنِ , وَجَهَّزَ عَسَاكِرَ الْعَزْمِ فَمَرَّتْ عَلَى أَحْسَنِ زَيْنٍ , وَصَاحَ لِسَانُ جِدِّهِ فَارْتَاعَ مِنْ بَيْنِ الصَّفَّيْنِ , فَقَالَ: أُقَاتِلُهُمْ وَلَوْ بِابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ.