نَجَائِبُ الأَعْمَالُ إِلَى بَابِ الْجَزَاءِ , فَصِيحَ بِالدَّلِيلِ: {لولا أن ثبتناك} فَقَالَ: {مَا مِنْكُمْ مَنْ يُنَجِّيهِ عَمَلُهُ} .
رَحِمَ اللَّهُ أَعْظُمًا طَالَمَا نَصِبَتْ وَانْتَصَبَتْ , جَنَّ عَلَيْهَا الليل فلما تمكن وثبت وثبت , إِنْ ذَكَرَتْ عَدْلَهُ ذَهَبَتْ وَهَرَبَتْ , وَإِنْ تَصَوَّرَتْ فَضْلَهُ فَرِحَتْ وَطَرِبَتْ , اعْتَرَفَتْ إِذْ نَبَتْ عَنْ طَاعَتِهِ أَنَّهَا قَدْ أَذْنَبَتْ , وَقَفَتْ شَاكِرَةً لِمَنْ لَحْمُهَا عَلَى جُودِهِ نَبَتَ , هَبَّتْ عَلَى أَرْضِ
الْقُلُوبِ عَقِيمُ الْحَذَرِ فَاقْشَعَرَّتْ وَنَدَبَتْ , فَبَكَتْ عَلَيْهَا سَحَائِبُ الرَّجَاءِ فَاهْتَزَّتْ وَرَبَتْ.
بِحَسْبِكَ أَنَّ قَوْمًا مَوْتَى تَحْيَا بِذِكْرِهِمُ النُّفُوسُ , وَأَنَّ قَوْمًا أَحْيَاءَ تَقْسُو بِرُؤْيَتِهِمُ الْقُلُوبُ! رَحَلَ الْقَوْمُ وَبَقِيَتِ الآثَارُ فِي الآثَارِ , سَأَلُوا طُلُولَ التَّعَبُّدِ عَنْهُمْ فَقَالَتْ خَلَتِ الدِّيَارُ.
(إِذَا دَمْعِي شَكَا الْبَيْنَ بَيْنَهَا ... شَكَا غَيْرُ ذِي نُطْقٍ إِلَى غَيْرِ ذِي فَهْمِ)
جَالَ الْفِكْرُ فِي قُلُوبِهِمْ فَلاحَ صَوَابُهُمْ , وذكروا التوفيق فمحا التذكر إعجابهم , وما دوا لِلْمَخَافَةِ فَأَصْبَحَتْ دُمُوعُهُمْ شَرَابَهُمْ , وَتَرَنَّمُوا بِالْقُرْآنِ فَأَمْسَى مِزْهَرَهُمْ وَرَبَابَهُمْ , وَكُلِّفُوا بِطَاعَةِ الإِلَهِ فَأَلِفُوا مِحْرَابَهُمْ , وَخَدَّمُوهُ مُبْتَذِلِينَ فِي خِدْمَتِهِ شَبَابَهُمْ , فَيَا حُسْنَهُمْ وَرِيحُ الأَسْحَارِ قَدْ حَرَّكَتْ أَثْوَابَهُمْ , وَحَمَلَتْ قَصِيصَ الْقِصَصِ ثُمَّ رَدَّتْ جَوَابَهُمْ.
(نَسِيمَ الصَّبَا إِنْ زُرْتَ أَرْضَ أَحِبَّتِي ... فَخُصَّهُمْ عَنِّي بِكُلِّ سَلامِ)
(وَبَلِّغْهُمْ أَنِّي رَهِينُ صَبَابَةٍ ... وَأَنَّ غَرَامِي فَوْقَ كُلِّ غَرَامِ)
(وَأَنِّي لَيَكْفِينِي طُرُوقُ خَيَالِهِمْ ... لَوْ أَنَّ جُفُونِي مُتِّعَتْ بِمَنَامِ)
(وَلَسْتُ أُبَالِي بِالْجِنَانِ وَبِاللَّظَى ... إِذَا كَانَ فِي تِلْكَ الدِّيَارِ مَقَامِي)
(وَقَدْ صُمْتُ عَنْ لَذَّاتِ دَهْرِي كُلِّهَا ... وَيَوْمُ لِقَاكُمْ ذَاكَ فِطْرُ صِيَامِي)
لا يَطْمَعَنَّ الْبَطَّالُ فِي مَنَازِلِ الأَبْطَالِ , إِنَّ لَذَّةَ الرَّاحَةِ لا تُنَالُ بِالرَّاحَةِ , مَنْ