قَامَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ لَيْلَةً إِلَى الصَّبَاحِ بِآيَةٍ: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات} وَقَامَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَيْلَةً بِآيَةٍ: {وَامْتَازُوا اليوم أيها المجرومون} .
وَقَالَ سُلَيْمَانُ الدَّارَانِيُّ: إِنِّي لأَتْلُو الآيَةَ وَأُقِيمُ فِيهَا أَرْبَعَ لَيَالٍ أَوْ خَمْسًا , وَلَوْلا أَنِّي أقطع الفكر فيها مَا جَاوَزْتُهَا.
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: لِي فِي كُلِّ جُمْعَةٍ خَتْمَةٌ , وَفِي كُلِّ شَهْرٍ خَتْمَةٌ , وَفِي كُلِّ سَنَةٍ خَتْمَةٌ , وَلِي خَتْمَةٌ مُنْذُ ثَلاثِينَ سَنَةً مَا فَرَغْتُ مِنْهَا بَعْدُ.
وَقَالَ أَسْلَمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: صَحِبَ رَجُلٌ رَجُلا شَهْرَيْنِ فَمَا رَآهُ نَائِمًا لا لَيْلا وَلا نهارا ,
فقال: مالي أَرَاكَ لا تَنَامُ؟ فَقَالَ: إِنَّ عَجَائِبَ الْقُرْآنِ أَطَرْنَ نَوْمِي فَمَا أَخْرُجُ مِنْ أُعْجُوبَةٍ إِلا وَقَعْتُ فِي أُخْرَى.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَنْ أَرَادَ عِلْمَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فَلْيُكْثِرْ [تِلاوَةَ] الْقُرْآنِ.
يَا مُعْرِضًا عَنْ تِلاوَةِ الْقُرْآنِ مَشْغُولا بِاللَّهْوِ وَالْهَذَيَانِ سَتَدْرِي مَنْ يَنْدَمُ يَوْمَ الْخُسْرَانِ , اسْتَدْرِكْ مَا قَدْ فَاتَ مِنْ هَذَا الزَّمَانِ , وَقُمْ فِي الأَسْحَارِ فَلِلسَّحَرِ مَعَ الرَّحْمَةِ شَانٌ , وَسَلِ الْعَفْوَ عَمَّا سَلَفَ مِنْكَ وَكَانَ.
(مَوْلايَ جِئْتُكَ وَالرَّجَاءُ ... قَدِ اسْتَجَارَ بِحُسْنِ ظَنِّي)
(أَبْغِي فَوَاضِلَكَ الَّتِي ... تَمْحُو بِهَا مَا كَانَ مِنِّي)
(فَانْظُرْ إِلَيَّ بِحَقِّ لُطْفِكَ ... يَا إِلَهِي وَاعْفُ عِنِّي)
(لا تُخْزِنِي يَوْمَ الْمَعَادِ ... بِمَا جَنَيْتُ وَلا تُهِنِّي)
قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: كَانَ لَنَا جَارٌ مِنَ الْمُتَعَبِّدِينَ قَدْ بَرَزَ فِي الاجْتِهَادِ , فَصَلَّى حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ وَبَكَى حَتَّى مَرِضَتْ عَيْنَاهُ , فَاشْتَرَى جَارِيَةً وَكَانَتْ تُحْسِنُ الْغِنَاءَ وَهُوَ لا يَعْلَمُ فَبَيْنَا هُوَ فِي مِحْرَابِهِ رَفَعَتْ صَوْتَهَا بِالْغِنَاءِ فَطَارَ لُبُّهُ , وَرَامَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ التَّعَبُّدِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ , فَقَالَتْ لَهُ الجارية: يا مولاي قد أبليت