(فَالْعَيْشُ نَوْمٌ وَالْمَنِيَّةُ يَقْظَةٌ ... وَالْمَرْءُ بَيْنَهُمَا خَيَالٌ سَارِ)
(وَالنَّفْسُ إِنْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ أَوْ أَبَتْ ... مُنْقَادَةٌ بِأَزِمَّةِ الْمِقْدَارِ)
(فَاقْضُوا مَآرِبَكُمْ عِجَالا إِنَّمَا ... أَعْمَارُكُمْ سَفَرٌ مِنَ الأَسْفَارِ)
(وَتَرَاكَضُوا خَيْلَ الشَّبَابِ وَبَادِرُوا ... أَنْ تُسْتَرَدَّ فَإِنَّهُنَّ عَوَارِي)
(وَالدَّهْرُ يَخْدَعُ بِالْمُنَى وَيُغِصُّ إِنْ ... هَنَّا وَيَهْدِمُ مَا بَنَى بِبَوَارِ)
(قَدْ لاحَ فِي لَيْلِ الشَّبَابِ كَوَاكِبُ ... إِنْ أُمْهِلَتْ عَادَتْ إِلَى الأَسْفَارِ)
لَقَدْ خَرَقَتِ الْمَوَاعِظُ الْمَسَامِعَ , وَمَا أَرَاهُ انْتَفَعَ السَّامِعُ , وَلَقَدْ بَدَا نُورُ الْهُدَى فِي الْمَطَالِعِ لَكِنَّهُ قَدْ عَمِيَ الْمُطَالِعُ , وَلَقَدْ بَانَتْ عِبَرُ مَنْ غَبَرَ لِمَنْ عَبَرَ الْمَصَارِعَ , فَمَا بَالُهَا مَا انْسَكَبَتِ الْمَدَامِعُ. يَا مَنْ شَبَابُهُ قَدْ مَضَى هَلْ مَا مَضَى مِنَ الْعُمْرِ رَاجِعٌ , تَيَقَّظْ , الْحَذَرَ ثُمَّ اعْتَذِرْ وَرَاجِعْ , فَالْهَوْلُ شَدِيدٌ وَالْحِسَابُ دَقِيقٌ والطريق شاسع , {إن عذاب ربك لواقع} .
أَيُّهَا الْمُطْمَئِنُّ إِلَى الدُّنْيَا وَهِيَ تَطْلُبُهُ بِذِحْلٍ , قد مرضت عين بصيرته فيها فما يَنْفَعُ الْكُحْلُ، يَتَبَخْتَرُ فِي رِيَاضِهَا وَمَا ثَمَّ إِلا وَحْلٌ , اقْبَلْ نُصْحِي وَاشْدُدِ الرَّحْلَ عَنْ مَحَلِّ الْمَحْلِ , وَتَأَمَّرْ عَلَى نَفْسِكَ فَلِلنَّحْلِ فَحل.
(أَيَا صَاحٍ نَهَى الصَّاحِي ... بِحَبْلٍ مِنْكَ مُدَّارِكْ)
(إلى كم مَعَ دُنْيَاكَ ... وَتِلْكَ الْمُومِسُ الْفَارِكْ)
(تَخُونُ الأَوَّلَ الْعَهْدَ ... فَخَلِّ الْعُرْسَ أَوْ شَارِكْ)
(مَتَى يُلْحِقْنِي بِالرَّكْبِ ... هَذَا الْجَمَلُ الْبَارِكْ)
(أَلا قَدْ ذَهَبَ النَّاسُ ... وَنِضْوِي رَازِمٌ بَارِكْ)
آهٍ لِنَفْسٍ انْفَصَلَتْ سَاعَاتُهَا وَمَا حُصِّلَتْ طَاعَاتُهَا , تَبِعَتُهَا تَبِعَاتُهَا وَمَا نفعتها دعاتها , شهورها وجمعاتها ومجالسها وجماعاتها , ومذكورها ورعاتها وَقَصَائِدُهَا وَمُسَجَّعَاتُهَا , وَالدُّنْيَا وَلَسَعَاتُهَا , وَالْمِحَنُ وَجَزَعَاتُهَا , وَالْمَنُونُ وَوَقَعَاتُهَا , وَما لانَتْ مَعَ هَذَا مُمْتَنِعَاتُهَا , وَلا خَفَّتْ مِنْ رُقَادِ الْغَفْلَةِ هَجَعَاتُهَا.