قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ} .
الْكِتَابُ: القُرْآنُ وَمَرْيَمُ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ , وَكَانَ اسْمُ أُمِّهَا حَنَّةَ , فَتَمَنَّتْ وَلَدًا فَلَمَّا حَمَلَتْ
جَعَلَتْ حَمْلَهَا مُحَرَّرًا خَادِمًا لِلْكَنِيسَةِ , فَلَمَّا وَضَعَتْهَا أُنْثَى حَمَلَتْهَا إِلَيْهِمْ فَكَفَلَهَا زَكَرِيَّا.
فَلَمَّا بَلَغَتْ خَمْسَ عشرة سنة {انتبذت} أي تنحت عن أهلها {مكانا شرقيا} مما يلي الشرق {فاتخذت من دونهم حجابا} أَيْ حَاجِزًا يَمْنَعُ مِنَ النَّظَرِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ضَرَبَتْ سِتْرًا لِتَطَهَّرَ مِنَ الْحَيْضِ وَتَمْتَشِطَ. وقال السدى: احتجبت بالجدار.
{فأرسلنا إليها روحنا} وهو جبريل {فتمثل لها} أَيْ تُصُوِّرَ فِي صُورَةِ الْبَشَرِ التَّامِّ الْخِلْقَةُ , قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: جَاءَهَا فِي صُورَةِ شَابٍّ جَعْدٍ قَطَطٍ حِينَ اخْضَرَّ شَارِبُهُ. {قَالَتْ إِنِّي أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} الْمَعْنَى: إِنْ كُنْتَ تَتَّقِي اللَّهَ فَسَتَنْتَهِي بِتَعْوِيذِي.
{قال إنما أنا رسول ربك} أي فلا تخافي {لأهب} لك أي أرسلني ليهب {لك غلاما زكيا} أَيْ طَاهِرًا مِنَ الذُّنُوبِ {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لي غلام} أي كيف يكون {ولم يمسسني بشر} تعني الزوج {ولم أك بغيا} وَالْبَغِيُّ الْفَاجِرَةُ.
{قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ علي هين} أَيْ يَسِيرٌ أَنْ أَهَبَ لَكِ غُلامًا مِنْ غير أب {ولنجعله آية للناس} أي دلالة على قدرتنا {ورحمة منا} أَيْ لِمَنِ اتَّبَعَهُ وَآمَنَ بِهِ {وَكَانَ أَمْرًا مقضيا} أَيْ مَحْكُومًا بِهِ مَفْرُوغًا مِنْهُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَنَفَخَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي جَيْبِ درعها فاستمر بِهَا حَمْلُهَا.
وَفِي مِقْدَارِ حَمْلِهَا سَبْعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهَا حِينَ حَمَلَتْ وَضَعَتْ. قَالَهُ ابْنُ عباس.