المجلس الثاني والعشرون
فِي قِصَّةِ سَبَإٍ
الْحَمْدُ للَّهِ الْمُتَفَرِّدِ بِالْعِزِّ وَالْجَلالِ , الْمُتَفَضِّلِ بِالْعَطَاءِ وَالإِفْضَالِ , مُسَخِّرِ السَّحَابِ الثِّقَالِ , مُرَبِّي الزَّرْعَ تَرْبِيَةَ الأَطْفَالِ , جَلَّ عَنْ مَثَلٍ وَمِثَالٍ , وَتَعَالَى عَنْ حُكْمِ الْفِكْرِ وَالْخَيَالِ , قَديِمٌ لَمْ يَزَلْ وَلا يَزَالُ , يَتَفَضَّلُ بِالإِنْعَامِ فَإِنْ شُكِرَ زَادَ وَإِنْ لَمْ يُشْكَرْ أَزَالَ {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يمين وشمال} .
أحمده على كل حال , وأصلي على رسوله محمد أشرف من نطق وقال , وعلى صاحبه أبي بكر الصديق باذل النفس والمال , وعلى عمر الفاروق العادل فما جار ولا مال , وعلى عثمان الثابت للشهادة ثبوت الجبال , وعلى [علي] بحر العلوم وبطل الأبطال , وعلى عمه العباس المقدم في نسبه على جميل الأهل والآل.
قال الله تعالى: {ولقد كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يمين وشمال} .
سَبَأٌ هِيَ الْقَبِيلَةُ الَّتِي هُمْ مِنْ أَوْلادِ سَبَإٍ , وَكَانَتْ بَلْقَيِسُ لَمَّا مَلَكَتْ قَوْمَهَا تَرَاهُمْ يَقْتَتِلُونَ عَلَى مَاءِ وَادِيهِمْ فَجَعَلَتْ تَنْهَاهُمْ فَلا يُطِيعُونَهَا , فَتَرَكَتْ مُلْكَهَا وَانْطَلَقَتْ إِلَى قَصْرِهَا فَنَزَلَتْهُ , فَلَمَّا كَثُرَ الشَّرُّ بَيْنَهُمْ أَتَوْهَا فَسَأَلُوهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَى مُلْكِهَا فَأَبَتْ , فَقَالُوا: لَتَرْجِعِنَّ أَوْ لَنَقْتُلُكِ. فَقَالَتْ إِنَّكُمْ لا تُطِيعُونَنِي. فَقَالُوا: إِنَّا نُطِيعُكِ. فَجَاءَتْ إِلَى وَادِيهِمْ وَكَانُوا إِذَا مُطِرُوا أَتَاهُ السَّيْلُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسَةِ