أَلْتَمِسُ لَهُمْ شَيْئًا. قَالَ: فَوَجَدْتَهُ؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: فَهَلُمَّ فَلْنَدْعُ. فَدَعَا وَأَمَّنْتُ وَدَعَوْتُ وَأَمَّنَ. ثُمَّ نَهَضْنَا لِنَقُومَ فَإِذَا وَاللَّهِ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ تَتَنَاثَرُ فِي حُجُورِنَا. فَقَالَ: دُونَكَهَا. وَمَضَى.

مَا خَسِرَ مَعَنَا مُعَامِلٌ , وَلا قَاطَعَنَا مُوَاصِلٌ.

قَوْلُهُ تعالى: {وما أدراك ما هيه} يعني الهاوية {نار حامية} أَيْ حَارَّةٌ قَدِ انْتَهَى حَرُّهَا.

كَانَ عَطَاءٌ السُّلَمِيُّ إِذَا عُوتِبَ فِي كَثْرَةِ بُكَائِهِ يَقُولُ: إِنِّي إِذَا ذَكَرْتُ أَهْلَ النَّارِ مَثَّلْتُ نَفْسِي بينهم , فكيف بنفس تُغَلُّ وَتُسْحَبُ أَنْ لا تَبْكِيَ.

رَحِمَ اللَّهُ أَعْظُمًا نُصِبَتْ فِي الطَّاعَةِ وَانْتَصَبَتْ , جَنَّ عَلَيْهَا اللَّيْلُ فَلَمَّا تَمَكَّنَ وَثَبَتْ , كُلَّمَا ذَكَرَتْ جَهَنَّمَ رَهِبَتْ وَهَرَبَتْ , وَكُلَّمَا تَصَوَّرَتْ ذُنُوبَهَا نَاحَتْ عَلَيْهَا وَنَدَبَتْ.

كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَبْكِي حَتَّى أَخَذَ بِكَفَّيْهِ مِنْ دُمُوعِهِ فَرَمَى بِهَا. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ

يَبْكِي حَتَّى نَشِفَتْ دُمُوعُهُ وَقَلَصَتْ عَيْنَاهُ. وَبَكَى هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ حَتَّى فَسَدَتْ عينه , وكانت مفتوحة لا يبصر لها. وَكَانَ الْفُضَيْلُ قَدْ أَلِفَ الْبُكَاءَ فَرُبَّمَا بَكَى فِي نَوْمِهِ فَيَسْمَعُهُ أَهْلُ الدَّارِ.

(بَكَى الْبَاكُونَ لِلرَّحْمَنِ لَيْلا ... وَبَاتُوا دَمْعُهُمْ لا يَسْأَمُونَا)

(بِقَاعُ الأَرْضِ مِنْ شَوْقٍ إِلَيْهِمْ ... تَحِنُّ مَتَى عَلَيْهَا يَسْجُدُونَا)

إِذَا لانَتِ الْقُلُوبُ لِلْخَوْفِ وَرَقَّتْ , رَفَعَتْ دُمُوعَهَا إِلَى الْعَيْنِ وَرَقَّتْ , فَأَعْتَقَتْ رقاباًَ لِلْخَطَايَا ورقت , يَا قَاسِيَ الْقَلْبِ ابْكِ عَلَى قَسْوَتِكَ , يَا ذَاهِلَ الْفَهْمِ بِالْهَوَى نُحْ عَلَى غَفْلَتِكَ , يَا دَائِمَ الْمَعَاصِيَ خَفْ غَبَّ مَعْصِيَتِكَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ النَّارَ أُعِدَّتْ لِعُقُوبَتِكَ.

(وَمَجْلِسُنَا مَأْتَمٌ لِلذُّنُوبِ ... فَابْكُوا فَقَدْ حَانَ مِنَّا الْبُكَا)

(وَيَوْمُ الْقِيَامَةِ مِيعَادُنَا ... لِكَشْفِ السُّتُورِ وَهَتْكِ الْغَطَا)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015